한국국제교류재단

يضع كتّاب السيناريو الأساس العام للهيكل القصصي للمسلسلات الدرامية الكورية، ويلعبون دورا محوريا في كل مراحل إنتاجها، ابتداء من طرح الفكرة ورسم الشخصيات وتحديد سماتها وصولا إلى تكوين القصة، خلافا للأفلام التي يهيمن المخرجون على كل مراحل إنتاجها التي تشمل كتابة السيناريو والتصوير والتحرير. لذلك، ما يزال كثير من الناس يعتبرون المسلسلات الدرامية أعمالا فنية لكتّاب السيناريو.

 

يصور كتّاب السيناريو أفكارهم ورؤاهم ومعتقداتهم تجاه البشرية والعالم في السيناريوهات التي يكتبونها. ويتعاطف معها المشاهدون في جميع أنحاء العالم بغض النظر عن جنسياتهم، لأنها نتيجة للتفكير العميق في شؤون البشرية. ويمكن القول إن المسلسلات الكورية تسرد قصصا تفهمها شعوب العالم.
ولهذا السبب، تحظى المسلسلات الدرامية الكورية بشعبية واسعة هذه الأيام تتخطى حدود آسيا، وتوسّع نفوذها في شتى أنحاء العالم خلافا للمسلسلات الكورية القديمة التي كان نفوذها مقتصرا على آسيا، حيث كان مشاهدون من فئة عمرية معينة أو جنس معين أو منطقة معينة يستمتعون بها.
يتناول كتّاب السيناريو الكوريون قضايا وموضوعات متنوعة، منها الحب الرومانسي، والقضايا الإنسانية التي تتخطى الحدود الزمانية والمكانية، والظلم الاجتماعي، والحب بين أفراد العائلة الذي يشفي القلب المتعب. يلعب كتّاب السيناريو هؤلاء، وهم يصممون العالم الدرامي الكوري بنظرتهم إلى الإنسان نظرة عميقة حانية دافئة، دورا محوريا في تعزيز نفوذ المسلسلات الدرامية الكورية وتحقيق ازدهارها.

شخصيات أنثوية نشطة
بدأت الكاتبة "باك جي-وون" حياتها المهنية عام ١٩٩٧ بمشاركتها في أحد البرامج الإذاعية. وهذه الكاتبة تحب قصص الحب المليئة بالفكاهة المميزة، وتسلط من خلالها الضوء على القضايا الاجتماعية التي تواجهنا حاليا. وغالبا ما يعوق التفاوت الطبقي بين البطل والبطلة حبهما في المسلسلات الدرامية الرومانسية، حيث تلتقي امرأة شابة برجل غني ثم تنجح في الارتقاء بطبقتها الاجتماعية. مع ذلك، فإن المسلسلات الدرامية الرومانسية التي تؤلفها الكاتبة "باك" مختلفة عن تلك المسلسلات الرومانسية النمطية. فتعكس مسلسلاتها وضع النساء الحقيقي اللواتي يشهدن ارتفاع مكانتهن الاجتماعية هذه الأيام، وتعرض شخصيات أنثوية جذابة تواجه تحديات.
ومن مسلسلاتها الدرامية المشهورة التي تشير إلى خصائصها بوضوح، "حبيبي من نجم آخر" و"هبوط طارئ للحب" اللذان بثتهما قناة تيفي إن التلفزية وحققا نجاحا كبيرا في كوريا الجنوبية وخارجها.
في مسلسل "حبيبي من نجم آخر"، تقع الممثلة المشهورة "تشون سونغ-إي" (لعبت دورها الممثلة "جون جي-هيون") في حب المخلوق الفضائي "دو مين-جون" (لعب دوره الممثل "كيم سو-هيون") الذي يعيش في كوريا الجنوبية منذ حوالي ٤٠٠ عام. في هذا المسلسل، تبدو الممثلة "تشون" واثقة بنفسها دائما، إلا أنها تكون عُرضة للغيبة والنميمة أحيانا بسبب أقوالها السخيفة، مما يثير ضحك المشاهدين. أما مسلسل "هبوط طارئ للحب" فإن بطلته "يون سي-ري" (لعبت دورها الممثلة "سون إي-جين") تهبط على أرض كوريا الشمالية أثناء الطيران المظلي وتُضطر للاختلاط بالكوريين الشماليين. البطلة "يون سي-ري" هي الابنة الصغرى لإحدى العائلات الغنية التي تدير شركات متعددة، وهي صاحبة القدرة العالية على إدارة الشركات. مع ذلك، بعد هبوطها في كوريا الشمالية، تواجه تحديات كثيرة وتتصرف تصرفات مثيرة للضحك عند اختلاطها بالكوريين الشماليين، ومنهم البطل "لي جونغ-هيوك" (لعب دوره الممثل "هيون بين" الضابط في الجيش الكوري الشمالي الذي يجدها عالقة بشجرة ويعتقلها، لكنه يقع في حبها في النهاية ويساعدها على الهروب من كوريا الشمالية والعودة إلى كوريا الجنوبية.
يسلط مسلسل "حبيبي من نجم آخر" الضوء على واقع النظام الرأسمالي في كوريا الجنوبية، في حين يرفع مسلسل "هبوط طارئ للحب" وعي الناس بواقع شبه الجزيرة الكورية التي قسمتها الحرب. وهكذا، تحاول الكاتبة "باك" إسقاط واقع المجتمع الكوري على المسلسلات الرومانسية التي تكتبها، مما يجعل مسلسلاتها التي تبدو بعيدة عن الواقع، أكثر واقعية.

توسيع نطاق المسلسلات الرومانسية
تُعتبر الكاتبة "كيم وون-سوك" التي تكتب المسلسلات الدرامية الرومانسية فريدة من نوعها. فقد حقق مسلسلها "حبيبان في باريس" الذي بثته قناة إس بي إس التلفزية عام ٢٠٠٤، نجاحا كبيرا وجذب كثيرا من المشاهدين رغم أنها كانت في بداية مسيرتها المهنية. وبعد ذلك، حقق مسلسلها "حديقة سرية" (٢٠١٠-٢٠١١م) نجاحا كبيرا مرة أخرى، مما جعلها واحدة من كتّاب السيناريوهات الدرامية الرائدين في كوريا الجنوبية.يسرد كل من المسلسلين قصة حب بين رجل غني وامرأة من بيئة اجتماعية متواضعة. ويرى بعض النقاد أن الكاتبة "كيم" تجيد تصوير قصة السندريلا على شاشة التلفاز. ومع ذلك، إذا نظرنا إلى أعمالها الدرامية جميعا، نجدها تتناول معاناة الإنسان والقضايا الاجتماعية والاضطرابات العصرية وغيرها من المواضيع المتنوعة. فضلا عن ذلك، فإن مسلسلاتها الرومانسية تختلف عن المسلسلات الرومانسية الأخرى، لأنها تتسم بالتنوع في طرق تصوير قصص الحب وتحاول توسيع الخيال باستمرار.تخلق الكاتبة "كيم" شخصيات تجتذب اهتمام المشاهدين. وعادة ما تركز مسلسلاتها الرومانسية على بطلين فقط، أما الشخصيات الأخرى فلا تكون بارزة. وكذلك، تعتمد معظم المسلسلات الرومانسية النمطية على "مثلث الحب" الذي يتسم بالصراع بين طرفين يحبان شخصا واحدا. بينما المسلسلات التي تكتبها "كيم" مختلفة تماما عن هذه المسلسلات النمطية. فعلى سبيل المثال، في مسلسلها "أحفاد الشمس" الذي بثته قناة كي بي إس التلفزية عام ٢٠١٦، يظهر عديد من الأزواج فضلا عن البطل "يو سي-جين" ضابط القوات الخاصة (لعب دوره الممثل "سونغ جونغ-غي") والبطلة "غانغ مو-يون" الطبيبة (لعبت دورها الممثلة "سونغ هي-غيو")، ولكل منهم قصة خاصة مختلفة عن القصص الأخرى. كما أن مسلسلاتها الدرامية تتسم بالانسجام الجذاب الذي تصنعه الشخصيات المميزة في الأدوار الداعمة. وذلك ما يميز الأعمال الدرامية التي تصنعها الكاتبة "كيم" عن الأعمال الدرامية الأخرى.
وكذلك فإن مسلسلها "العفريت" (٢٠١٦-٢٠١٧م) الذي بثته قناة تيفي إن التلفزية بعيد عن قواعد المسلسلات الرومانسية التقليدية. ويسرد المسلسل قصة "كيم سين" (لعب دوره الممثل "غونغ يو") الذي أصبح كائنا يشبه الآلهة ويمتلك القوة الخارقة. وكان العفريت يعمل في خدمة الملك، ومع أن الملك قد قام بقتله، إلا أن هذه العفريت يعود إلى الدنيا من جديد بإرادة الآلهة ويعيش حياة خالدة تكون حينا نعمة وحينا آخر تكون لعنة بمساعدة الآخرين الذين يواجهون أزمات مختلفة. يقع "كيم سين" في حب المرأة المسماة بـ"جي وون-تاك" (لعبت دورها الممثلة "كيم غو-وون") ويعيش صراعا بين رغبتين؛ الرغبة في إنهاء حياته الخالدة المتعبة والرغبة في مواصلة حياته مع حبيبته، مما يجعل المشاهدين يفكرون في مفارقات الحياة المختلفة. وهكذا، توسّع "كيم" عالمها الدرامي عن طريق تبني عناصر الأنواع الدرامية المختلفة، ومنها الفانتازيا والإثارة والتاريخ، في مسلسلاتها الدرامية الرومانسية.

 

النقد الاجتماعي والسخرية
يركّز الكاتب "باك جي-بوم" الذي بدأ حياته المهنية بكتابة سيناريو فيلم الرعب "مسرح" عام ٢٠٠٠، على القضايا الاجتماعية بنظرة ساخرة حادة سعيا إلى تحقيق العالم الذي يسوده العدل.
في معظم المسلسلات الدرامية، تقع مهمة تحقيق العدل على القضاة أو المدعين العامين أو ضباط الشرطة وغيرهم من الأشخاص ذوي السلطة العامة. لكن في المسلسلات الدرامية الثلاثة التي ألفها الكاتب "باك" مؤخرا ويُطلق عليها اسم "ثلاثية العدل"، يسعى أشخاص بعيدون عن السلطة العامة، مثل موظف شركة أو قسيس أو عضو عصابة إلى تحقيق العدل في المجتمع الكوري.
في مسلسل "مدير جيد" (٢٠١٧م)، يكافح مدير الحسابات "كيم سونغ-ريونغ" (لعب دوره الممثل "نامغونغ مين" ضد الظلم والفساد. وفي مسلسل "قسيس متحمس" (٢٠١٩م)، يسعى القسيس الكاثوليكي "كيم هي-إيل" (لعب دوره الممثل "كيم نام-غيل") الذي كان عميلا خاصا في جهاز الاستخبارات الوطنية ويعاني من اضطرابات متعلقة بالغضب، إلى القضاء على الجريمة المنظمة التي ترتكبها عصابة إجرامية بالتعاون مع مسؤولين من القطاع العام. وكذلك في مسلسله الأخير "فينسينزو" (٢٠٢١م)، ينتقم المحامي الذي يعمل مع المافيا الإيطالية "فينسينزو كاسانو" (لعب دوره الممثل "سونغ جونغ-غي") من الأشرار بطريقة المافيا الشريرة. وفي هذه المسلسلات الثلاثة، ينتقد الكاتب "باك" بسخرية الواقع المظلم الذي يواجه فيه العدل تهديدات كبيرة.

 

التأمل في الحياة
ظهرت الكاتبة "نو هي-غيونغ" لأول مرة عام ١٩٩٦ بكتابة مسلسل "زهرة الغاردينيا للأم" الذي يسرد قصة بنت وأمها التي تُصاب بمرض لا يوجد له العلاج. وتتميز مسلسلاتها الدرامية بتلك النظرة الثاقبة العميقة على العلاقة الدافئة بين الناس والروابط العائلية القوية.
تسلط الكاتبة "نو" الضوء على الأشخاص الضعفاء اجتماعيا منذ بداية مسيرتها المهنية، وتتخطى مسلسلاتها الدرامية حدود المسلسلات الرومانسية والمسلسلات العائلية، إلا أنها كلها تركز على العلاقات الإنسانية والروابط بين أفراد العائلات. فعلى سبيل المثال، يسرد مسلسل "أصدقائي الأعزاء" (٢٠١٦م) قصص الأمهات اللواتي يضحين بأنفسهن لصالح عائلاتهن، من منظور بناتهن. ويؤكد مسلسل "رقصتنا" (٢٠٢٢م) على قيمة اللحظات العادية في الحياة اليومية التي لا يمكن الاستغناء عنها. وقد ترك كل من المسلسلين انطباعا كبيرا في قلوب المشاهدين في شتى أنحاء العالم.ويتناول مسلسل "أصدقائي الأعزاء" الذي كان شعاره "سنوات مشرقة من حياتنا" مصير الإنسان الذي لا يستطيع أن يقاوم الشيخوخة والمرض. ويقود هذا المسلسل مشاهديه إلى التأمل في معنى الحياة والموت بالنظر إلى حياة الأمهات اللواتي يعشن حياتهن مع الحفاظ على أسرارهن التي لا يقدرن على الكشف عنها أمام أحد حتى لو كان أعزّ أصدقائهن. عندما تجد إحدى بناتهن "باك وان" (لعبت دورها الممثلة "غو هيون-جونغ") قصص الأمهات السرية اللواتي كانت تعتبرهن نساء قويات، تقول لنفسها "نحن أولادهن، ليس لدينا الحق في البكاء وذرف الدموع لأننا جميعا لا نستحق ذلك". وتسبب هذا المشهد انهمار دموع كثير من المشاهدين.
من جهة أخرى، فإن أحداث مسلسل "رقصتنا" الذي بثته قناة تيفي إن التلفزية في يونيو الماضي تدور في جزيرة جيجو خلافا لمعظم المسلسلات الدرامية الكورية الأخرى التي تقع أحداثها في العاصمة سيول. يسلط هذا المسلسل الضوء على مناظر الجزيرة الخلابة ومشاهد الحياة الجميلة لسكانها. يروي المسلسل قصص مختلف الأشخاص، ومنهم أشخاص في خريف العمر وأولئك الذين يواجهون صفحة جديدة من حياتهم، بطريقة أدبية واقعية. وتشير الجملة التي تظهر في نهاية الحلقة الأخيرة "وُلدنا لنكون سعداء" إلى الكيفية التي تنظر بها الكاتبة إلى العالم.
بالإضافة إلى ذلك، هناك كثير من كتّاب سيناريو المسلسلات الدرامية، ممن هم في منتصف حياتهم المهنية، نجحوا في بناء عوالمهم الدرامية الفريدة من نوعها. وكذلك، هناك كثير من الكتّاب الجدد الذين يجتذبون أنظار المشاهدين في جميع أنحاء العالم، منهم الكاتبة "غون دو-وون" التي سلطت الضوء على أحلام الشباب وحبهم في مسلسل "خمسة وعشرون وواحد وعشرون" (٢٠٢٢م)، والكاتبة "سين ها-وون" التي سردت قصة أشخاص يعيشون في قرية ساحلية صغيرة واقعة في شرقي شبه الجزيرة الكورية في مسلسلها "تشا تشا تشا في قرية صغيرة" (٢٠٢١م)، والكاتبة "مون جي-وون" التي طرحت أسئلة حول الصورة النمطية والتحيز لدى عامة الناس في مسلسل "المحامية الاستثنائية" (٢٠٢٢م) من خلال شخصية مصابة باضطراب طيف التوحد. أنا على ثقة تامة بأن هؤلاء الكتاب الجدد يمثلون مستقبل المسلسلات الدرامية الكورية.