Features 2022 SPRING 612
عازفو الآلات الموسيقية .. نقطة تحول نشهد اليوم ازدياد شعبية موسيقى كروس أوفر، وهي عبارة عن مزيج من أنواع مختلفة من الموسيقى ويقودها رواد الموسيقى الآلية الحديثة الكوريون الذين يتميزون بمهارتهم بالعزف على أنواع مختلفة من الآلات الموسيقية. تقدم لكم هذه المقالة معلومات عن ثلاث فرق موسيقية كورية تجذب اهتماما كبيرا في كوريا وخارجها. لنستكشف العالم الموسيقي الذي تسعى هذه الفرق الثلاث إلى تحقيقه. مشهد من الفيديو الموسيقي للألبوم الثالث "وون دا" لفرقة جامبيناي الذي نشرته شركة بيلا يونيون البريطانية عام ٢٠١٩. وفرقة جامبيناي، هي فرقة موسيقية من نوع بوست-روك، تشكلت عام ٢٠٠٩، وهي مكونة من خمسة أعضاء، تجتذب اهتماما كبيرا في مختلف دول العالم بتقديم عروض موسيقية رائعة مستوحاة من الموسيقى الكورية التقليدية. بلاك سترينغ"صوت أصلي لآلة الغومونغو، لا نستطيع الوصول إليه حتى لو بذلنا حياتنا كلها في سبيل الوصول إليه، وهو لا يختلف عما تسعى إليه فرقة بلاك سترينغ." تقدم فرقة بلاك سترينغ التي شكلها أربعة فنانين عام٢٠١١ اختبارات صوتية ارتجالية تندمج فيها عناصر الموسيقى الكورية التقليدية وموسيقى الجاز. من اليسار؛ عازفة الغومونغو "هو يونغ-جونغ"، وعازف الآجينغ وجانغو "هوانغ مين-وانغ"، وعازف الديغوم واليانغوم "لي آرام"، وعازف الغيتار "وو جونغ-سو".© نا سونغ-يول شاركت فرقة بلاك سترينغ المكونة من أربعة أعضاء في عدة مهرجانات موسيقية أُقيمت في كوريا وخارجها وأخذت تجذب أنظار العالم إليها. واسم هذه الفرقة الذي يعني "الآلة الوترية السوداء" يشير بوضوح إلى أن جذر موسيقاهم يعود إلى آلة الغومونغو الكورية التقليدية. وهذه الآلة هي رمز للموسيقى الكورية التقليدية، وتتسم بصوتها البسيط الثقيل ويعود تاريخها إلى أكثر من ألف وخمسمائة عام.أعضاء الفرقة التي تم تشكيلها عام ٢٠١١ هم عازفة الغومونغو "هو يونغ-جونغ" وعازف الغيتار "وو جونغ-سو" وعازف الديغوم واليانغوم "لي آرام" وعازف الآجينغ والجانغو "هوانغ مين-وانغ". وعاشت هذه الفرقة نقطة تحول كبيرة عام ٢٠١٦ حيث وقعت عقدا مع شركة إيه سي تي الألمانية التي تُعد من الشركات الموسيقية العالمية المشهورة. وكان ذلك فرصة غير متوقعة ويقضي العقد بإصدار خمسة ألبومات رسمية للفرقة. وتركز شركة إيه سي تي على موسيقى الجاز وتغطي الأنواع الجديدة من الموسيقى الحديثة. وأصبحت فرقة بلاك سترينغ أول فرقة كورية تصدر شركة إيه سي تي ألبومها. وفي ذلك العام، صدر ألبومها الأول «ماسك دانس» الذي حصل على إحدى جوائز مهرجان سونغ لاينز الموسيقية عام ٢٠١٨ الذي يُعدّ من أشهر مهرجانات الموسيقى العالمية التي تُقام في بريطانيا، وتلك هي المرة الأولى التي يحصل فيها موسيقيون كوريون على هذه الجائزة.ولعل العالَم الموسيقي لبلاك سترينغ يتناسب بشكل أكثر مع خصائص شركة إي سي إم التي تتسم بالدمج بين الموسيقى الفلكلورية الأوروبية وموسيقى الجاز التأملية. وتمثل الأغنية الرئيسة في ألبوم الفرقة الثاني «كارما» الذي صدر عام ٢٠١٩ الفهم الجديد لموسيقى الأمبينت. كما أن الفرقة سلطت الضوء على عناصر الجاز في أغنيتي «إكسال بوري» و«أغنية البحر»، ويميل ذلك إلى الأصوات التي تركز عليها شركة إي سي إم أيضا.ولدى قائدة الفرقة "هو يون-جونغ" القدرة على وُلوج عوالم موسيقية جديدة. وتعمل السيدة "هو" أستاذة في قسم الموسيقى الكورية التقليدية بجامعة سيول الوطنية وتُعد من أشهر عازفي الغومونغو في كوريا. وهي بنت المخرج المشهور "هو غيو" (١٩٣٤-٢٠٠٠م) الذي يُعد ضمن رواد المسرح الموسيقي الكوري التقليدي الذين ساهموا في توسيع نطاق المسرح الكوري في القرن العشرين. وتقول السيدة "هو" إنها تعرّفت على فناني الموسيقى الارتجالية العظماء بفضل أبيها، مضيفة أنها أصبحت تشارك في هذا الاتجاه الموسيقي الجديد بعد رؤية أداء عازفة الهيغوم "غانغ وون-إيل" التي تتجاوز الحدود التي تفرق بين الموسيقى الكورية التقليدية وأنواع الموسيقى الأخرى.أصبحت الفنانة "هو" واحدة من الرواد الذين يقودون اتجاها جديدا في الموسيقى الكورية التقليدية. وشكلت مع عازفة الهيغوم "غانغ وون-إيل" وعازفة التشول هيون غوم "يو غيونغ-هوا" فرقة "ثلاثي سانغ سانغ" وحاولن دمج تقنيات العزف التقليدية وإيقاعاته مع موسيقى الجاز الحر أو الأنواع المختلفة من الموسيقى الحديثة. الفنانة "يو غيونغ-هوا" والموسيقار "وون إيل" الذي كان يعمل معهن كانا زميلي دراسة للفنانة "هو"، إذ كانا يدرسان معها في المدرسة الثانوية الوطنية للموسيقى الكورية التقليدية.وأعضاء فرقة بلاك سترينغ من الموسيقيين الماهرين في مجال الموسيقى الكورية التقليدية وموسيقى الجاز، لا يترددون في اختبار مادة جديدة في موسيقاهم، فيخلطون مختلف أنواع الموسيقى التي تشمل الموسيقى الفلكلورية التقليدية والموسيقى الشامانية والموسيقى البوذية وحتى موسيقى فرقة راديو هيد، فرقة الروك البريطانية ليصنعوا موسيقى مثيرة للخيال. ويصنع الفنان "لي آرام" صوت الدايغوم الأصلي الجميل ويظهر تقنياته الماهرة. ويشير وجود الفنان "هوانغ مين-وانغ" الذي كان ينتمي إلى نفس الفرقة مع الفنان "لي" والفنان "وو جونغ-سو" الذي يصدر أصوات الغيتار البسيطة المتنوعة، إلى أن هذه الفرقة لا تركز على صوت الغومونغو فحسب، بل أنها تسلط الضوء على مختلف أنواع الأصوات الموسيقية. فإذا كنت تحب الموسيقى الكورية التقليدية فيجب عليك حفظ أسماء أعضاء هذه الفرقة.تقول الفنانة "هو"، "نحب الموسيقى الارتجالية كثيرا إلا أن هوية فرقتنا لا تعتمد عليها فحسب، بل نسلط الضوء على الفلسفة التي تحملها أغانينا. يجب أن تكون الفلسفة هيكل الأغاني وتكون الارتجالية محرّكا". وفي هذا السياق، يمكن القول إن "سانجو" الموسيقى الارتجالية الكورية التقليدية تُعد جذرا وقلبا للفنانة "هو" وفرقة بلاك سترينغ. جامبيناي"صدمة كبيرة ومفاجأة سعيدة نشعر بها عندما نرى حيوانا نعتقد أنه انقرض ولم يعد موجودا، مثلما شعرنا عندما اكتشفنا سمك شوكيات الجوف الحي في عمق البحر... نسعى إلى ذلك الشيء." تعزف فرقة جامبيناي لبوست-روك ألحان موسيقى الروك والميتال باستخدام الآلات الموسيقية الكورية التقليدية. من اليسار؛ عازف الطبل "تشوي جي-هيوك"، وعازفة الغومونغو "سيم وون-يونغ، وعازف الغيتار والمزمار "لي إيل-وو"، وعازفة الهيغوم "كيم بو-مي"، وعازف غيتار البيس "يو بيونغ-غو".© غانغ سانغ-وو ثمة مهرجان موسيقي يُطلق عليه اسم "هيل فيست" الذي يعني اسمه "مهرجان جهنم". هل هذا الاسم غريب كاسم لمهرجان؟ مهرجان هيل فيست هو مهرجان موسيقى الميتال العالمي الذي يجتذب عشرات آلاف الشباب إلى قرية صغيرة في فرنسا في شهر يونيو من كل عام. وتعرض فيه فرق الروك والميتال المشهورة مثل فرقة "آيون ميدن" وفرقة "كانيبال كوربس".مع ذلك، ظهرت في هذا المهرجان الآلات الموسيقية الكورية التقليدية بشكل مفاجئ عام ٢٠١٦، لأن فرقة جامبيناي قدمت عرضا فيه. وتكوّنت فرقة الروك هذه عام ٢٠٠٩ من خمسة أعضاء؛ "لي إيل-وو" عازف الغيتار والمزمار والتي بيونغ سو، "كيم بو-مي" عازفة الهيغوم، "سيم وون-يونغ" عازفة الغومونغو، و"تشوي جي-هيوك" عازف الطبل، و"بيونغ غو" عازف غيتار البيس.تبدو موسيقاهم كمهرجان الكائنات الخيالية الكورية التقليدية الذي يثير الشعور بالغرابة والخوف. وإذا اجتمع صوت الضربات الشديدة لجسم الغومونغو وأوتاره باستخدام القوس بصوت الهيغوم العالي وصوت الغيتار الإلكتروني الصارخ، تصدر سلسلة من الألحان الخشنة التي تَبثّ الخوف والرعب ولا تستطيع صنعها موسيقى الميتال العادية. في موسيقى جامبيناي، تتصادم ألحان الروك والميتال والموسيقى الكورية التقليدية بعضها مع بعض بصورة غير متوقعة. وتثير الأصوات التي يصدرها احتكاك أوتار الهيغوم والغومونغو الشعور بالغرابة الممتعة.ثلاثة من أعضاء الفرقة، هم "لي إيل-وو" و"كيم بو-مي" و"سيم وون-يونغ" كانوا يدرسون معا في كلية الموسيقى الكورية التقليدية بجامعة هانكوك للفنون وبدأوا تعلم الموسيقى الكورية التقليدية منذ أن كانوا في سن صغيرة. مع ذلك، وُلدت فرقة جامبيناي نتيجة لمقاومة "لي إيل-وو" ضد الموسيقى الكورية التقليدية. بدأ تعلم النفخ في المزمار الكوري التقليدي عندما كان في الصف الأول من المدرسة الإعدادية، لكنه بدأ عزف الغيتار الإلكتروني منذ كان في الصف الثالث من المدرسة الإعدادية. درس الموسيقى الكورية التقليدية في المدرسة إلا أنه كان يحلم وهو يستمع في البيت إلى أغاني فرقة "ميتاليكا" بأن يصبح مغني روك. وقبل تشكيل فرقة جامبيناي، كان يعمل ضمن فرقة "٤٩ مورفينز" لموسيقى السكريمو الصارخة المتمردة.يقول الفنان "لي" حول تشكيل فرقة جامبيناي، "أود كسر الصورة النمطية التي تقول إن الآلات الموسيقية التقليدية لا تستطيع أن تنسجم مع أصوات الروك وإنه من المناسب أن تبقى في البيوت الكورية التقليدية. لا أحب أن يقول الناس إن الموسيقى الكورية التقليدية مملة. لذلك، كنت في حاجة إلى إيجاد صوت قوي. ووجدته في ألبوم «روتز» لفرقة "سيبول تورا" التي تشتهر بدمج الموسيقى البرازيلية التقليدية مع موسيقى الميتال. كما أني تأثرت بمختلف الأصوات، ومنها صوت الإندستريال روك الذي وجدته في ألبوم «هذا التدهور المتواصل»لفرقة "ناين إنتش نايلز"، والأصوات التي وجدتها في موسيقى البوست روك التي تنسجم فيها أصوات الكمان والتشيلو ومزمار القربة مع صوت الروك".عندما بدأت فرقة جامبيناي عرضها في مهرجان إس إكس إس دبليو الأمريكية عام ٢٠١٤ لم يزد عدد المشاهدين على أكثر من اثنين، إلا أنها نجحت في جذب المشاهدين بعد حين، فأصبحت ساحة العرض ملأى بالمشاهدين في غضون ثلاثين دقيقة. كنتُ في ذلك المهرجان وتركت هذه الفرقة لديّ انطباعا رائعا لا يمكن نسيانه. في عام ٢٠١٥، وقعت الفرقة عقدا مع شركة بيلا يونيون البريطانية التي تُعد ضمن الشركات الموسيقية العالمية المشهورة، وفي السنة التالية أصدرت ألبومها الثاني«أسطوري» فحظيت بتقدير عالٍ في السوق العالمية. في البداية، تبدو أصوات الفرقة كأنها أضواء شموع إلا أنها تكبر ثم تكبر فتصبح مثل النار المتأججة. أنهم يستخدمون أصواتا متنوعة ولا تشمل أغانيهم الأصوات الشديدة الصارخة، مثل أغنية«وقت الانقراض» في ألبومهم الأول «اختلاف»، وأغنية«خزانة» في الألبوم الثاني وأغنية«أفق الحدث» في الألبوم الثالث «وون دا»، فحسب، بل إنها تحتوي على الأصوات الهادئة التأملية مثل أغنية«اتصال» آخر أغنية في الألبوم الأول.أعتقد أن كلمة "أسطوري"، وهو اسم ألبوم الفرقة الثاني، تعطي فكرة جيدة تساعد على فهم هذه الفرقة. تأتي هذه الكلمة من مصطلح "دراسة المخلوقات الأسطورية" الذي يعني دراسة الحيوانات الخيالية مثل "وحش لوخ نس" و"الإنسان الجليدي". كانت فرقة جامبيناي تقدم أكثر من ٥٠ عرضا خارج كوريا سنويا قبل جائحة فيروس كورونا المستجد. وسحرت الفرقة المشاهدين في عدة مهرجانات عالمية مثل مهرجان ووماد البريطاني ومهرجان إكست الصربي ومهرجان روسكيلي الدنماركي. كما أنها شاركت في حفل اختتام الدورة الأولمبية الشتوية التي استضافتها كوريا عام ٢٠١٨ وقدمت فيه عرضا ناجحا. دونغيانغ غوزوبا نعتقد أن نقاط الضعف لدينا تخلق شيئا إبداعيا. نود أن نكمّل بعضنا بعضا لأننا ثلاثة فقط." تركز فرقة دونغيانغ غوزوبا التي شكلها ثلاثة فنانين عام ٢٠١٨ على أصوات الآلات الإيقاعية. وتبعث موسيقاها التي تحمل الإيقاعات الحيوية السريعة طاقة موسيقية خلاقة. من اليسار عازف الطبل "جانغ دو-هيوك"، وعازفة اليانغوم "يون وون-هوا"، وعازف غيتار البيس "هام مين-هوي".© كيم سين-جونغ ثمة فرقة مكونة من ثلاثة أعضاء وخصائصها فريدة من نوعها، واسمها فريد أيضا، وهو "دونغيانغ غوزوبا" الذي يعني "ترددا شرقيا عاليا". تمثل عازفة اليانغوم "يون وون-هوا" التي تضرب الأوتار بسرعة كالعاصفة الانطباع الأول للفرقة. والأصوات التي تصدرها الفنانة "يون" أشد من الأصوات التي عزفتها فرقة ميتاليكا المشهورة في ألبومها «ماستر أوف بابتس». كما أن عازف غيتار البيس "هام مين-هوي" يضيف أصواتا ثقيلة على موسيقى الفرقة ويكملها عازف الطبل "جانغ دو-هيوك" بإيقاعات غير متوقعة. على وجه الخصوص، تبدو أصوات اليانغوم الواضحة كأنها قطرات مطر نقية تتقافز على أرض غابة استوائية خضراء. أصدرت هذه الفرقة ألبومها الأول«فجوة» عام ٢٠١٨ ثم تلقت دعوة لأول مرة في تاريخ الفرق الآسيوية عام ٢٠٢٠ وعام ٢٠٢١ من مهرجان ووميكس الذي يُعد من المهرجانات الموسيقية العالمية.إن اسم الفرقة الغريب الذي يعني " ترددا شرقيا عاليا" يأتي من لافتة متجر الإلكترونيات التي شاهدها عضو الفرقة "جانغ دو-هيوك" بالصدفة في جوار بيته. واتخذ أعضاء الفرقة هذا الاسم لأنه يتناسب مع موسيقاهم الشديدة الحادة، إذ تمثل آلة اليانغوم التي تعزفها الفنانة "يون وون-هوا" رمزا للفرقة وتختلف عن آلة الغومونغو التي تستخدمها فرقة بلاك سترينغ وجامبيناي لأن أوتارها مصنوعة من الحديد خلافا للغومونغو المصنوعة أوتارها من خيوط القطن. وتصدر الفنانة "يون" بهذه الأوتار الحديدية أصواتا شديدة تشبه طرق الحديد.يعود أصل اليانغوم إلى الإمبراطورية الفارسية، وكان لهذه الآلة أسماء عديدة مثل زيتار ودولسيمار وتشيمبالوم وانتقلت إلى شبه الجزيرة الكورية عبر الصين وأطلق عليه الكوريون اسم "يانغوم" الذي يعني "آلة موسيقية من الغرب". وتصدر آلة اليانغوم وآلة السينغ هوانغ نغمات تنسجم مع غيرها من النغمات التي تُستخدم في الموسيقى الغربية خلافا للآلات الموسيقية الكورية التقليدية الأخرى. وقد حدّثت الفنانة "يون" التي تتولى منصب رئيس الفرع الكوري للجمعية العالمية لليانغوم، آله اليانغوم بطريقتها الخاصة. وفي هذا الصدد تقول الفنانة "اليانغوم التقليدية التي تُستخدم في كوريا صغيرة الحجم ولا تصدر أصواتا متنوعة، فمن الصعب استخدامها لعزف مختلف الأنواع من الموسيقى. لذلك عدلتُها لتغطي أربعة أوكتاف والنصف وتصدر النغمات التي تتوافق مع نظام السلم الموسيقي الكروماتيكي الغربي. أستطيع عزف أي نغمة موسيقية بها الآن. كما أني أضفت إليها جهاز تكبير الصوت وغيره من الأجهزة الصوتية الأخرى لتوسيع نطاق التعبير الموسيقي." ويعبر الفنان "هام مين-هوي"، عن إعجابه بعزف هذه الفنانة فيقول إنه لم يرَ فنانا آخر يضرب اليانغوم بهذه السرعة إلا الفنانة "يون".لقد بدأت الفنانة "يون" تعلم الموسيقى في الصين عندما كانت في سن الرابعة. وكانت تهتم باليانغوم التي تُستخدم في كوريا الشمالية وتخصصت في الآلات الموسيقية الإيقاعية في إحدى الجامعات الكورية. نجحت الفنانة يون في خلق "أسلوب يون" الذي تنسجم فيه خصائص أنواع مختلفة من الموسيقى، ومنها الموسيقى الغربية والموسيقى الشرقية والموسيقى الكورية الجنوبية والموسيقى الكورية الشمالية، فضلا عن الموسيقى الإيقاعية والموسيقى الوترية. كما أن الفنان "جانغ دو-هيوك" يعزف الطبل بطريقة خاصة به ولا يستخدم طبل البيس الذي يتم ضربه بالقدم خلافا لعامة عازفي الطبل. ولا يستخدم الفنان جانغ قدميه لعزف الطبل، بل إنه طور أسلوبا خاصا به لعزف جميع النغمات التي تصدرها الآلات الإيقاعية باستخدام يديه فقط. ويقول الفنان جانغ الذي كان عضوا في فرقة الروك "دانبيون سون والبحارة" التي طبقت الفلسفة الشرقية على موسيقاها، "ساعدتني القيود على خلق صوت خاص بي. أحب هذا التحدي". أما الفنان "هام مين-هوي" الذي يعزف غيتار البيس فإنه يخلق أصواتا ثقيلة وخفيفة في آن واحد بسهولة مثل فرقة النيو ميتال "كورن" الأمريكية أو فرقة الفانك روك "ريد هوت تشيلي بيبرز" الأمريكية.في أواخر عام ٢٠٢١، فازت الفنانة يون بجائزة الموجة الجديدة التي تقدمها مؤسسة سوريم الثقافية. ولهذه الجائزة أهمية خاصة في مجال الموسيقى الكورية التقليدية وتختار المؤسسة فنانا شابا أو فرقة موسيقية تقوم بالاختبار الموسيقي المبتكر كل عام، وحصل عليها الفنان "غون سونغ-هي" مغني فرقة البوب البديل "لي نال تشي"، وفرقة "آك دان غوانغ تشيل" التي تقدم شرحا موسيقيا جديدا للأغاني الشامانية من محافظة هوانغ هي.#Gugak
Features 2022 SPRING 566
محاولات جديدة.. سعادة غير متوقعة إن الفنانين الشباب الذين يقومون باختبار موسيقي جديد مع الأخذ بعين الاعتبار العناصر المعاصرة الحديثة، يساهمون في توسيع آفاق الموسيقى الكورية التقليدية. لنلتق بهؤلاء الفنانين الكوريين الشباب الذين يمتلكون الموهبة والطموح. © كيم هي-جي ألبوم «وُلد من الروعة»فرقة "هيباري"، شركة فليبد كوين موزيك (يونيو عام ٢٠٢١)فرقة هيباري هي فرقة الموسيقى الإلكترونية البديلة التي شكلتها الفنانة "مين هي" والفنانة "هي-وون" عام ٢٠٢٠. تعبر الفرقة عن احترامها للجمالية البسيطة لدى الموسيقى الكورية التقليدية وتحاول كسر عناصرها الذكورية في آن معًا. في هذا الألبوم الرقمي، حاولت الفرقة ترجمة الموسيقى التقليدية المسماة "جونغ ميو جيري آك" التي كانت تُستخدم في الطقوس التذكارية الخاصة بالأسرة الملكية لمملكة جوسون، باستخدام إيقاعات إلكترونية. وأُدرجت موسيقى "جونغ ميو جيري آك" ضمن قائمة اليونسكو للتراث غير المادي وتُستخدم حتى اليوم في عدد من المناسبات الوطنية.وعلى وجه الخصوص، فإن الأصوات الإلكترونية التي تحملها أغنية الألبوم الرئيسة«وُلد من الروعة غير المعيبة» تبعث طاقة مثيرة للخوف والقلق مثل موسيقى كراوت روك التي كانت تحظى بإقبال في ألمانيا في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. كما أن غناء الفنانة "مين-هي" يكسر الحاجز الذي يفصل بين المرأة والرجل. في الغناء الكوري التقليدي، تنقسم الأغاني إلى أغانٍ مخصصة للرجال وأغانٍ مخصصة للنساء إلا أن الفنانة "مين-هي" تغني بصوتيْ الذكور والإناث في آن معًا باستخدام الجهاز الصوتي وتحاول تفكيك العناصر التقليدية وإعادة تجميعها بلغة نسائية. مقدمة من شركة بيسكيت ساوند ألبوم «جونغ وون-هي، الكوميديا الإلهية-الجحيم»المغنية "جونغ وون-هي"، شركة بيسكيت ساوند (أغسطس عام ٢٠٢١)يحتوي هذا الألبوم على العمل المسرحي الذي تم عرضه لأول مرة عام ٢٠١٧ ويعتمد على الغناء الكوري التقليدي المعروف باسم "البانسوري". ويمكن القول إن هذا العمل المسرحي هو نوع من المسرح الموسيقي الذي طُبقت عليه خصائص المسرحية الموسيقية الكورية التقليدية وعناصر الأدب الغربي الكلاسيكي وتقنيات الهندسة الصوتية. تأتي فكرة أغاني«باب الجحيم» و «نهر النسيان» و «فريسة للشيطان» و غيرها من الأغاني السبع عشرة التي يحتوي عليها الألبوم، من«كتاب الجحيم» للكوميديا الإلهية الذي ألفه دانتي وتم تحويل النصوص الرئيسة فيه إلى كلمات للأغاني والحوارات.يجتمع صوت الفنانة جونغ وون-هي الذي يطوف في الفضاء الصوتي كصدى أشباح، مع نغمات الآلات الإيقاعية والتشيلو والغيتار والبيانو، مما يجعل المستمعين يشعرون وكأنهم في مسرح صغير تحت الأرض يحيط به الظلام الدامس. حاولت الفنانة جونغ وون-هي ترجمة «باب الجحيم» لدانتي بأصوات البانسوري التي تحمل الحزن العميق، خلافا لفرقة البوب البديل «إي نال تشي» التي تركز على العناصر المضحكة المثيرة لدى البانسوري في أغنيتها «سوغونغ غا».تعمل الفنانة جونغ مغنية بانسوري وممثلة مسرح وممثلة مسرح موسيقي كوري تقليدي. لقد بدأت هذه الفنانة تَعلّم بانسوري منذ أن كانت في سن السابعة ودرست على يديّ أشهر مغني البانسوري. © باك جين-هي ألبوم «مرحبا، نحن جيهي وجيسو»جيهي وجيسو، شركة ساوند ريبوبليكا (مارس عام ٢٠٢١)هذا هو الألبوم الأول الذي أصدرته العازفة الإيقاعية "كيم جيهي" وعازفة الموسيقى الكلاسيكية "جونغ جيسو". درست "كيم جيهي" الموسيقى الكورية التقليدية منذ طفولتها إلا أنها كانت تحلم بدمجها مع أنواع أخرى من الموسيقى. وأما "جونغ جيسو" فإنها عازفة بيانو كلاسيكية غير أنها لم تتخلَ عن حلمها بتلحين نوع جديد من الموسيقى وجعل الكثير من الناس يستمعون إلى موسيقاها. التقت الفنانتان عندما كانتا تدرسان في قسم تلحين موسيقى الجاز بكلية بيركلي للموسيقى وشكلتا فرقة موسيقية وتسعيان معا إلى توسيع آفاق عالمهما الموسيقي باستمرار.لا نستطيع أن نجد اختبارا غريبا في ألبومهما. وليس فيه شيء رقمي. فهذا الألبوم يحتوي على سبع أغنيات تحمل النغمات البسيطة الصادقة التي تأتي من الطبل والجانغو والبيانو. ويُعبر هذا الألبوم عن الأفكار والخبرات التي اكتسبتها الفنانتان خلال رحلتهما في إسبانيا، وتحمل أغانيهما طاقة دفء تفاؤلية. وفي هذا الألبوم، تنسجم إيقاعات الجانغو الكورية التقليدية مع إيقاعات الجاز الارتجالية. وعلى وجه الخصوص، تمنح الأغنية الخامسة «روندا وأنا » راحة للأشخاص الذين يشعرون بالتعب أثناء التنقل من البيت إلى مكان العمل. © دانيال شوارتز، ميشا «غريكوريا: لنذهب لاستقبال القمر»فرقة "جمعية غوكآك-جاز"، شركة سوري-إي نايتي للموسيقى (مارس عام ٢٠٢١)تتكون فرقة "جمعية غوكآك-جاز" من موسيقيين من جنسيات مختلفة؛ من كوريا واليونان والولايات المتحدة الأمريكية. وتم تشكيل هذه الفرقة أثناء إعداد مشروع "كانتاتا البنسوري" الذي أُجري في مدينة بوسطن الأمريكية وشاركت فيه أوركسترا الجاز. تشير كلمة "غريكوريا" التي تظهر في عنوان الألبوم إلى أن هذا الألبوم يمثل محاولة دمج الموسيقى الكورية التقليدية والموسيقى الإغريقية بواسطة موسيقى الجاز. وكانت عازفة البيانو "جو مينا" التي تنشط في مدينة بوسطن تقود هذه المحاولة الجديدة. ويحمل هذا الألبوم أصوات أنواع مختلفة من الآلات الموسيقية، ومنها الآلات الموسيقية الكورية التقليدية مثل الجانغو والقوينغ غواري والسينغ هوانغ والغاياغوم والتيبيونغ سو، والعود الإغريقي، والآلات الموسيقية الشرق أوسطية مثل البندير والرق والدربكة، بالإضافة إلى الطبل وغيتار البيس. وما يثير الدهشة هو صوت المغنية "لي ناري" التي تغني بالأسلوب الفلكلوري الكوري وبالأسلوب الشرق أوسطي في آن واحد، وكذلك الانسجام بين مختلف الإيقاعات والنغمات التي تصدرها الآلات الموسيقية من ثقافات وبلاد مختلفة. والمغنية "لي ناري" عضو فرقة "إي نال تشي". وتثير النغمات التي يقدمها هذا الألبوم الذي شارك فيه فنانون من ثلاث دول دهشة كبيرة. © استوديو فويد «العلوم الزائفة»فرقة "سين باك سوركل"، شركة بلانكتون للموسيقى (أغسطس عام ٢٠٢١)هذا هو الألبوم الثاني لفرقة "سين باك سوركل" التي يأتي اسمها من أسماء الأعضاء؛ عازف الساكسفون "سين هيون-بيل"، عازفة الغاياغوم "باك غيونغ-سو"، وعازف غيتار البيس "سو يونغ-دو"، وعازف الطبل "كريستيان موران". كما أن تعبير "سين باك" يحمل معنى "غريب بل مبتكر".وتتجنب هذه الفرقة الغريبة المبتكرة الدمج الفيزيائي القديم بين الموسيقى الكورية التقليدية وموسيقى الجاز إلا أنها تسعى إلى إحداث مفعول كيميائي عن طريق خلطهما بأسلوب غير نمطي. ويمكن الاستماع إلى الأصوات الأنيقة الحديثة في الأغنية الأولى «مروحة في غرفة » التي تنسجم فيها أصوات الساكسفون والغاياغوم. كما أن الإيقاعات الدقيقة القوية التي تصدر من غيتار البيس للفنان "سو يونغ-دو" والطبل للفنان "كريستيان موران" تجتذب انتباه المستمعين. أعتقد أن النغمات الأصلية في أغنيتي «الأرض المسطحة » و «الأيونات السالبة » قادرة على سحر المستمعين الذين يحبون الجاز بغض النظر عن جنسياتهم.#Gugak
Features 2022 SPRING 587
طرح موسيقي جديد ينشط الفنان جانغ يونغ-غيو في مختلف المجالات الفنية، ومنها السينما والرقص والمسرح والفنون التشكيلية الحديثة. وشكل جانغ عدة فرق موسيقية منذ أوائل التسعينيات من القرن الماضي، ويستمر بالقيام باختبارات فنية جديدة مع طرح سؤال عن إمكانية جديدة لدى الموسيقى الكورية التقليدية. يقوم جانغ بمحاولات موسيقية جديدة في ورشة عمله التي تقع في مدينة باجو في محافظة غيونغ غي. تحظى فرقة "إي نال تشي" بشعبية كبيرة منذ عام ٢٠١٩ بعد أن حققت أغنيتها«النمر قادم» نجاحا كبيرا في كوريا وخارجها. ومن أعضائها الفنان جانغ يونغ-غيو الذي يعمل مخرجا موسيقيا وعازف غيتار البيس إلا أن معظم الناس لا يعرفون اسمه ولا من يكون. مع ذلك فإن الفنان جانغ كان يسحر قلوب المولعين بالموسيقى في كوريا وخارجها عندما شارك في فرقة "سينغ سينغ" التي كانت تركز على موسيقى الروك والأغاني الفلكلورية الكورية التقليدية.بالإضافة إلى ذلك، يسمع عامة الناس موسيقاه بشكل طبيعي عندما يشاهدون الأفلام الكورية مثل«قطار إلى بوسان» (٢٠١٦م) و «النوح» (٢٠١٦م). كما أننا نستطيع أن نسمع الموسيقى التصويرية التي ألفها لحوالي ٨٠ فيلما ومنها «تازا: المقامرون الكبار» (٢٠٠٦م) و «حياة مُرّة حلوة» (٢٠٠٤م)، وحصل هذا الفنان على جائزة أفضل موسيقى تصويرية سينمائية في العديد من المهرجانات السينمائية التي أُقيمت في كوريا وخارجها. أجريتُ عدة مقابلات صحفية وتلفزية مع الفنان جانغ يونغ-غيو الذي وسع نطاق أعماله واهتماماته ليشمل الرقص والمسرح وغيرهما من المجالات الفنية. في البداية، كان يبدو وكأنه يشعر بالخجل وأخبرني ذات مرّة أنه ليس متحدثا جيدا، إلا أنه أبدى روح الإبداع بشكل طبيعي مثل موسيقاه عندما كان يتحدث عن تشكيل فرقة موسيقية غريبة مع أصدقائه كانت تعزف الدف الصغير والميلوديكا وهو ما يزال يدرس في المدرسة الابتدائية. يعمل الفنان جانغ يونغ-غيو في الاستوديو الموسيقي الخاص به الذي يقع في مدينة باجو في محافظة غيونغ غي. ينتج فيه هذا الفنان أصواتا متنوعة تندمج فيها عناصر الموسيقى الكورية التقليدية وعناصر الأنواع الموسيقية الأخرى لاستخدامها في الأفلام أو عروض الرقص أو العروض المسرحية. كما أنه عازف غيتار أيضا وشارك في عدة فرق موسيقية، أحدثها فرقة "إي نال تشي" التي تحظى باهتمام كبير في أرجاء العالم في هذه الأيام. لماذا تهتم بالموسيقى الكورية التقليدية؟ذلك بسبب الفنان وون إيل، الموسيقار الذي يعنى بتلحين الموسيقى الكورية التقليدية وعازفها. تعرفت عليه في أوائل التسعينيات من القرن الماضي وكنت أعمل معه حتى إصدار الألبوم الأول لفرقة "مشروع وو وو بو" التي شكلناها عام ١٩٩٤. عندما كنت منتميا إلى هذه الفرقة الموسيقية، كان عندي رغبة شديدة في معرفة صوت جديد. ولحسن الحظ، استطعت أن أتعرف على كثير من فناني الموسيقى الكورية التقليدية وأن أصنع عدة أعمال بالتعاون معهم. مع ذلك، يمكن القول إنني أصبحت مهتما بشكل جدي بالموسيقى الكورية التقليدية منذ أن عملت مع فنانة الرقص الحديث آن وون-مي. منحتني شركة آن وون-مي الفرصة لتجربة الموسيقى التي عندي اهتمام بها وجعلتني أغيّر طريقة التعامل معها. وعلى وجه الخصوص، عندما شاركت في مشروعي«تشون هيانغ الجديدة» و «سيمفونية الأميرة باري - الدنيا»، سحرتني أصوات ثلاثة أنواع من الموسيقى الكورية التقليدية، وهي البانسوري والمينيو والجونغّا. بعد ذلك، شكلتُ فرقة "بي بينغ" المكونة من سبعة أعضاء عام ٢٠٠٧ للوصول إلى عمق الموسيقى الكورية التقليدية. ونفذت في هذه الفرقة عدة مشروعات تتعلق بالموسيقى البوذية والموسيقى التقليدية التي تُستخدم في مسرحية الأقنعة والموسيقى الملكية، وخرجت منها بتجارب ودروس ثمينة. ما خصائص الموسيقى الكورية التقليدية؟ تسحرني الأشياء التي لا يصنعها إلا الزمن. أعتقد أن الناس يشعرون بانطباعات مختلفة عن الموسيقى الكورية التقليدية وَفقا لكيفية سماعها أو كيفية التعرّف عليها والالتقاء بها. ولحسن الحظ، استطعت أن أستمع إليها عن كثب حين كنت أتعاون مع فناني الموسيقى الكورية التقليدية أثناء تنفيذ المشاريع. لذلك، استطعت التمتع بها بشكل كامل مقارنة بالاستماع إليها من خلال الألبومات المسجلة أو العروض الموسيقية التي تُستخدم فيها أجهزة تكبير الأصوات. لا يمكن الشعور بذلك الشيء دون الاستماع إليها عن كثب، فأتمنى أن يتسنى لعامة الناس تلك الفرصة أيضا. فرقة "سينغ سينغ" هي فرقة موسيقى كانت تركز على موسيقى الروك والأغاني الفلكلورية الكورية التقليدية. سحرت الفرقة المشاهدين بموسيقاها المبتكرة وعروضها البهيجة. شكلها ثلاثة من فناني الموسيقى الكورية التقليدية، هم الفنان "جانغ يونغ-غيو"، وعازف طبل وعازف غيتار عام ٢٠١٥ وحلوها عام ٢٠١٨.@ مقدمة من المسرح الوطني الكوري تجتذب الموسيقى الكورية التقليدية الأنظار من جديد. ما رأيك في ذلك؟في السنة الماضية، شاهدتُ عروضا لحوالي ٦٠ فرقة كعضو في إحدى لجان التحكيم، مما جعلني أسأل نفسي؛ ما الذي يريدونه في نهاية المطاف. غالبا ما يتلقى فنانو الموسيقى الكورية التقليدية التدريب لمدة طويلة، لذلك فيمكن القول إن مستواهم التقني عالٍ بشكل عام. مع ذلك، بصراحة لا أحبّذ أن أُطلق على تلك التقنية اسم "الموسيقى".ازداد عدد الفرق الموسيقية التي تحاول مزج الموسيقى الكورية التقليدية في موسيقاها في السنوات الأخيرة. وفي السنة الماضية، بثت إحدى القنوات التلفزية برنامج مسابقة للموسيقى الكورية التقليدية، مما أعطى زخما لهذه الظاهرة. لكني أعتقد أن هناك جانبا سلبيا لهذه الظاهرة. أشعر بالقلق لأن هذا البرنامج يعطي صورة غير صحيحة عن الموسيقى الكورية التقليدية للمشاهدين الذين في معظمهم لم يستمعوا إلى الموسيقى الكورية التقليدية من قبل ولا يعرفونها جيدا. علينا إيجاد الفرصة الجيدة والطريقة المناسبة لجعل الجمهور يتمتع بالموسيقى الكورية التقليدية مائة بالمائة. ما رأيك في اختلاط الموسيقى الكورية التقليدية بالأنواع الموسيقية الأخرى؟عندما كنت صغيرا، كنت أحب الاستماع إلى الألبوم المشترك لفرقة "كيم دوك-سو" للموسيقى الفلكلورية الكورية وفرقة الجاز "ريد سون" التي كان أعضاؤها من جنسيات مختلفة، وكنت أرى أن موسيقاهم رائعة جدا. بعد ذلك، أصبحت مهتما بموسيقى الفنان "يانغ بانغ-وون" وفرقة "بوري". بالنسبة للفنان "يانغ" فإن معظم فرق الموسيقى الكورية التقليدية كانت تعزف موسيقاه في العروض في الماضي حيث ظهرت كثير من فرق الموسيقى الكورية التقليدية التي كانت تحتذي حذو أسلوبه الموسيقي. يبدو أن الموسيقى الكورية التقليدية تأثرت تأثرا كبيرا به. أظن أن موسيقى فرقة "جامبيناي" لا تنتمي إلى الموسيقى الكورية التقليدية إلا أني أرى أنها فرقة موسيقية جيدة تعرف ما تريد وتعلم جيّدا خصائصها التي تميزها عن غيرها. لذلك، تساهم في تنويع الموسيقى الكورية أيضا. أما فرقة "القمر الثاني" المكونة من سبعة أعضاء فإنها نجحت في إيجاد النقاط التي يحبها الجمهور. ونشهد اليوم ظهور الفرق الموسيقية المتنوعة وهذا أمر جيد. قدمت فرقة "إي نال تشي" عرضا على مسرح "سترينجي فروت" الواقع بالقرب من جامعة هونغ إيك في ديسمبر عام ٢٠٢١. تحظى هذه الفرقة التي شكلها سبعة فنانين عام ٢٠١٩ بإقبال كبير في شتى أنحاء العالم بعد طرح أغنيتها "النمر قادم" التي قدمتها الفرقة عن طريق ترجمة أغنية البانسوري التقليدية بلغة موسيقى البوب الحديثة. في الأمام (من اليمين)؛ عازف الغيتار "جانغ يونغ-غيو"، والمغنية "غوون سونغ-هي"، والمغنية "لي ناري"، والمغني "آن إي-هو"، والمغنية "سين يو-جين". وفي الخلف؛ عازف غيتار البيس "باك جون-تشول"، وعازف الطبل "لي تشول-هي".© لايف كلوب داي، آزاليا ما الذي يقرر قيمة الموسيقى؟ أعتقد أنه "الاختلاف". عندما أقوم بأي مشروع الموسيقي، آخذ بعين الاعتبار كيفية إحداث الاختلاف. هذا يعني أنك تتجنب النمطية الموسيقية؟ قمت بعدة مشاريع موسيقية، وهذا ما جعلني أشعر بأن أسلوبي الموسيقي أصبح واضحا ومتكررا. لذلك، شعرت بالقلق لفترة. لكن خطر ببالي فكرة أن ذلك ليس أمرا سلبيا، فأصبحت أتحرر من الرغبة في خلق شيء جديد. أحاول إيجاد طرق جديدة في أسلوبي الموسيقي. ما الفرق بين مشروع لفرقة "إي نال تشي" والمشروع الموسيقي للرقص أو المسرح أو الأفلام؟ عندما شاركت في كل المشاريع الموسيقية، كانت أهدافها واضحة وكان دوري واضحا أيضا. مع ذلك، هناك مجال مفتوح لمشروع "إي نال تشي". عندما ألحن الأغاني لـ"إي نال تشي"، أولا أصنع الإيقاعات أو النغمات الأساسية ثم أختار منها ما يتناسب مع أصوات أربعة من المغنين. وفي بعض الأحيان، أستمع إلى جميع الأغاني لمواضيع البانسوري الخمسة لإيجاد النغمات المناسبة للإيقاعات والاتجاهات الموسيقية التي أريدها. ومن خلال ذلك، نجد شيئا غير متوقع ونطوره ليتناسب مع موسيقانا. لا أعتمد على إعادة ترتيب أغاني البانسوري بل إني أسعى إلى خلق شيء جديد منها. ماذا تغير بعد أن حققت "إي نال تشي" نجاحا كبيرا؟ كنت أحلم بأن يستمع الجمهور إلى موسيقانا مثل الأغاني الشعبية. لكني لم أفكر في كيفية تحقيق حلمي. بعد إصدار الألبوم الأول «سو غونغ غا» عام ٢٠٢٠، كان عليّ أن أقوم بعدة أشياء لا أريدها وما كنت لأفعلها قط في الماضي. لكن خطرت ببالي فكرة أنه إذا أردت تحقيق النجاح التجاري فيجب عليّ ألا أتجنب هذه الأشياء. أظن أن أكبر تغير حصل لي هو أني أصبحت أفعل بعض الأشياء بسرور رغم أني كنت أتجنب فعلها في الماضي، فصرت أبذل جهودا للتكيف مع هذه الظروف الجديدة. وبصراحة فإن "إي نال تشي" لم تحقق نجاحا بعد. هل يتعامل الجمهور معها كما يتعامل مع الفرق الموسيقية العادية؟ أظن أن الجواب لا. أمامنا طريق طويل يجب أن نسير عليه بصبر. ماذا عليكم أن تفعلوا؟ في الحقيقة، لا يوجد مجال كبير للفرق الموسيقية في سوق الموسيقى الكورية. لذلك، لا شيء يضمن تحقيق النجاح حتى لو صنعنا موسيقى جيدة. ومن غير المعقول أن ننتظر وقتا مناسبا لاستهلاك موسيقانا. لا نستطيع الحصول على أي شيء دون بذل الجهود الكبيرة. علينا بذل كل ما في وسعنا لإيجاد الطريقة المناسبة. هل لديكم خطة لتقديم عروض خارج كوريا؟علينا بذل الجهود المستمرة لكي نبقى على قيد الحياة في سوق الموسيقى الكورية، ومع ذلك نحاول الدخول إلى الأسواق الخارجية أيضا لأنها أكثر صداقة للفرق الموسيقية. وفي هذه السنة، نخطط لتقديم بعض العروض خارج كوريا. تأخرتم في إصدار الألبوم الثاني الذي كان مقررا إصداره السنة الماضية.بصراحة لم نتوقع أن نصبح مشغولين إلى هذه الدرجة. ليس لدينا وقت كافٍ للعمل الموسيقي. ظننا أنه يمكن أن نستخدم مواضيع البانسوري الأخرى التي لم نستخدمها إلا أننا غيرنا رأينا. وأصبحنا نتساءل عما إذا كانت موسيقانا ستتناسب مع هذا العصر بمجرد إعادة ترتيب الأغاني التقليدية الموجودة. واتفقنا على أنه يجب ألا نجد قصة جديدة تتناسب مع عصرنا الحالي فحسب، بل يجب علينا أن نجد طريقة جديدة لإصدار الصوت. أعتقد أن إصدار الألبوم الثاني استغرق وقتا طويلا لأننا نركز على خلق أغاني البانسوري الجديدة، فمن المقرر أن نصدرها في نهاية السنة الحالية.#Gugak
Features 2022 SPRING 561
مهرجان الاندماج والتعاون مهرجان "يو وو راك" الذي يقيمه المسرح الوطني الكوري مهرجان يمكن أن يتمتع به جميع الناس. لقد انطلق هذا المهرجان لتسهيل وصول الجمهور إلى الموسيقى الكورية التقليدية من خلال تقديم عروضها المحدّثة، وأصبح الآن يمنح الكثير من الموسيقيين الإلهام بإيجاد عالم موسيقي جديد خاص بهم. عرض فرقة "غونغ ميونغ"، وهي من الجيل الأول للفرق الموسيقية الكورية في الموسيقى العالمية، في مهرجان "يو وو راك" الذي أقامه المسرح الوطني الكوري في يوليو عام ٢٠١٧. قدمت فيه الفرقة العديد من أغانيها احتفالا بالذكرى العشرين لتشكيلها.مقدمة من المسرح الوطني الكوري يقيم المسرح الوطني الكوري الذي يقع على سفح جبل نام وسط العاصمة الكورية سيول مهرجانا ممتعا يستمر لمدة شهر كامل في شهر يوليو من كل عام. ذلك المهرجان هو مهرجان "يو وو راك". واسم هذا المهرجان "يو وو راك" هو اختصار لجملة "ها هي موسيقانا" وله معنى آخر، هو "الموسيقى الكورية التقليدية التي يتمتع بها جميع الناس الذين يعيشون في هذا العصر". ويشارك في هذا المهرجان الذي انطلق عام ٢٠١٠ ويصادف هذا العام الذكرى الثالثة عشرة لانطلاقته، فنانون في مختلف المجالات الموسيقية لعرض محاولاتهم الموسيقية الجريئة بواسطة الموسيقى الكورية التقليدية. ويمكن القول إن هذا المهرجان أصبح مسرحا لاختبارات الموسيقى التقليدية.يبيع مهرجان "يو وو راك" جميع التذاكر منذ سنوات عديدة خلافا لمعظم عروض الموسيقى الكورية التقليدية الأخرى. وتشير البيانات الإحصائية لعام ٢٠٢١ إلى أن عدد المشاهدين التراكمي بلغ حوالي ٦٦ ألف مشاهد، ولا يشمل هذا الرقم عدد المشاهدين عبر الإنترنت، ووصلت نسبة مبيعات التذاكر إلى ٩٣ في المائة في المتوسط. كما أنه يجتذب الكثير من المعجبين ويقوم بدور ريادي في تعزيز شعبية الموسيقى الكورية التقليدية لدى عامة الجمهور. ويكتسب نجاح هذا المهرجان معنى خاصا لأن الموسيقى الكورية التقليدية كانت تُعد ضمن الأنواع الموسيقية غير الشعبية.بالإضافة إلى ذلك، يكتسب هذا المهرجان أهمية خاصة لأنه لا يكتفي بالحفاظ على الفنون التقليدية بتقديم الدعم المالي لها، بل إنه يقدم فرصة للموسيقيين المبدعين ويساهم في تحقيق "نهضة الموسيقى الكورية التقليدية" بأداء دور القاطرة في تحديث الفنون التقليدية.لقد اختار مهرجان "يو وو راك" فنانين من مختلف الأنواع الموسيقية ليتولوا منصب المخرج الفني للمهرجان، منهم الموسيقار عازف البيانو "يانغ بانغ-وون" وعازفة الجاز "نا يون-سون" والموسيقار وقائد الأوركسترا "وون إيل" وعازفة التشول هيون غوم "يو غيونغ-هوا". ويتولى السيد "باك وو-جي" عازف الغومونغو منصب المدير الإبداعي للمهرجان منذ عام ٢٠٢٠. وإذا صنفناهم حسب الأنواع الموسيقية التي ينشطون فيها، فإن السيد "يانغ بانغ-وون" والسيدة "نا يون-سون" هما الموسيقيان اللذان يحظيان بشعبية كبيرة في مجال الجاز، وأما السيد "وون إيل" والسيدة "يو غيونغ-هوا" فإنهما متخصصان في الموسيقى الكورية التقليدية ويستمران بتقديم الاختبارات الموسيقية الإبداعية الجديدة انطلاقا من عالمهما الموسيقي الفريد من نوعه. ويمكن القول إن هذا التنوع يلعب دورا هاما في تحقيق أهداف "يو وو راك" الثلاثة، وهي الاختبار والشعبية والتعاون.وعلاوة على ذلك، يمكن تصنيف الموسيقيين الذين شاركوا في المهرجان حتى الآن إلى ثلاث فئات مختلفة. أولا، هناك الفنانون البارعون الذين يحافظون على أصول الموسيقى الكورية التقليدية مثل السيدة "آن سوك-سون" بارعة البانسوري والسيدة "لي هي-غيونغ" بارعة الأغاني الشامانية في محافظة هوانغ هي. ثانيا، هناكفنانون من الجيل الثاني متخصصون في الموسيقى الكورية التقليدية إلا أنهم يحبون التعاون مع فناني الأنواع الموسيقية الأخرى مثل الجاز والموسيقى الشعبية والموسيقى الغربية الكلاسيكية ولا يترددون في تجربة شيء جديد ويسعون إلى تحقيق شعبية الموسيقى الكورية التقليدية. ويمكن القول إن هؤلاء الفنانين التقليديين من الجيل الجديد يقومون بدور ريادي في مهرجان "يو وو راك"، ومنهم السيدة "باك غيونغ-سو" عازفة الغاياغوم وفرقة "غونغ ميونغ" وفرقة "سينوي". ثالثا، هناك فنانون في مجال الجاز والموسيقى الشعبية الذين يقومون باختبارات موسيقية جريئة بالتعاون مع الموسيقيين التقليديين ولهم خبرات كبيرة في دمج الموسيقى الكورية التقليدية في موسيقاهم. ومنهم، السيد "إيم دونغ-تشانغ" عازف البيانو والموسيقار "جونغ جي-إيل" والسيد "تايغر جي كي" مغني الراب. ملصقات لمهرجان "يو وو راك" الذي يُقام سنويا منذ عام ٢٠١٠ في يوليو كل سنة، يقدم الموسيقيون من مختلف الأنواع الموسيقية أعمالهم الإبداعية على المسرح الوطني الكوري وتُباع جميع التذاكر لحفلاتهم الموسيقية.مقدمة من المسرح الوطني الكوري#Gugak
Features 2022 SPRING 606
ولادة إن الأسلوب الموسيقي الجديد الذي يُسمى بـ"بوب جوسون" ويتسم بالمزج بين الموسيقى الكورية التقليدية والموسيقى الشعبية، يجذب أنظار العالم. ولم يُولد هذا النوع الموسيقي الجديد الذي من المتوقع أن يساهم في توسيع نطاق كي-بوب، مصادفة أو في لحظة واحدة. عرض فرقة "سودو" في الحفلة الموسيقية التي أُقيمت في ديسمبر عام ٢٠٢١ كجزء من البرنامج التلفزي بعنوان "بونغ ريو داي جانغ"، وهو برنامج مسابقة الموسيقى الكورية التقليدية الذي قدمته قناة "جي تي بي سي" وشارك فيه الموسيقيون الكوريون الذين يحاولون دمج الموسيقى الكورية التقليدية مع الأنواع الموسيقية الأخرى. ولعب هذا البرنامج دورا كبيرا في تعريف المشاهدين بجمال الموسيقى الكورية التقليدية وعناصرها الجذابة.© قناة جي تي بي سي، آتراكت إم يقول أحد الكتّاب الروائيين الذي يحب الموسيقى: "الموسيقى الكورية التقليدية نوع موسيقي للكوريين، إلا أنها أكثر نوع موسيقي بعدا عن الكوريين". ويشير ذلك إلى واقع الموسيقى الكورية التقليدية في القرن العشرين وفي القرن الحالي الذي نعيش فيه، فالموسيقى الكورية التقليدية ظهرت إلى الوجود منذ عصور طويلة إلا أنها تشهد أزمة وجود يمكن أن تؤدي إلى اندثار هذه الموسيقى، بدعوى أنها ليست مناسبة للعصر الحديث، إذ يرى معظم الكوريين أنها موسيقى قديمة ليست جذابة. لقد كانت هذه النظرة التقليدية النمطية للموسيقى التقليدية الكورية تعرقل أي تغيير في الموسيقى الكورية التقليدية أو تطوير لها، غير أنها لعبت دورا في ولادة ما يُسمى بـ"نهضة بوب جوسون" وتعزيز شعبيتها. ويستطيع عامة الجمهور أن يشعروا بدهشة أكبر عندما يشهدون تغير الموسيقى الكورية التقليدية التي تظهر بِحُلّة جديدة، لأنهم لم يبدوا أي اهتمام بها. ومع ذلك، ليس هذا التغير شيئا نادرا. وفي الحقيقة، فإن الموسيقى الكورية التقليدية كانت تتغير باستمرار كلما تغيرت العصور، مما عزز قوتها باطراد حتى سنحت لها الفرصة للازدهار اليوم. الحفلة الموسيقية المشتركة التي قدمها الفنان "كيم دوك-سو" (الثاني من اليسار) وفرقة "تشونغ بي" للفنون التقليدية في قاعة غوانغ هوان مون للفنون في أكتوبر عام ٢٠١٥. يُقال إن الفنان "كيم دوك-سو" حظي باهتمام كبير في كوريا وخارجها بعد أن طرح نوعا موسيقيا جديدا مستوحى من الموسيقى الفلكلورية الكورية التقليدية عام ١٩٧٨، وقدم عروضا كثيرة في أرجاء العالم. أما فرقة "تشونغ بي" فإنها فرقة موسيقية تم تشكيلها منذ أكثر من ٢٠ عاما وتصدر أعمالا موسيقية قائمة على الفنون المسرحية الكورية التقليدية.© سامول نوري هانوليم، مؤسسة غير الربحية الحفاظ على الأصول استطاعت الموسيقى الكورية التقليدية البقاء على قيد الحياة بفضل الدعم الذي قدمته الحكومة الكورية للحفاظ عليها في أواخر القرن العشرين، ولولا هذا الدعم لفقدت قدرتها على خلق نوع موسيقي جديد. وبشكل عام فإن الموسيقى التقليدية في أي دولة وفي أي مجتمع تعيش ظروفا يمكن أن تؤدي إلى تدهورها مع تغير العصور، وقد عاشت الموسيقى الكورية التقليدية مثل تلك الأزمة مرات عديدة، كان أولها الأزمة التي ضربتها خلال فترة الحكم الاستعماري الياباني الذي استمر ما بين عامي ١٩١٠ و١٩٤٥، وتبعتها أزمة ثانية خلال الحرب الكورية التي اندلعت عام ١٩٥٠ التي دمرت معظم الآثار الموسيقية التقليدية. وبعد الهدنة عام ١٩٥٣، عانى المجتمع الكوري من الاضطرابات السياسية والاقتصادية فلم تحظ الموسيقى التقليدية بالاهتمام بشكل طبيعي. ومنذ الستينيات من القرن الماضي، كانت كوريا تركز على التحديث الوطني بتطوير الصناعات وتشجيع التحضر، فكانت الموسيقى الكورية التقليدية بعيدة عن اهتمام الكوريين الذين كانوا ينظرون إليها على أنها من الفنون القديمة المتخلفة.ورغم ذلك، استمرت الجهود الدؤوب في الحفاظ على أصولها، ففي فترة الاحتلال الياباني، قام قسم الموسيقى الملكية التابع للديوان الملكي بهذا الدور. وعمل هذا القسم على تدريب الفنانين الجدد للحفاظ على أصول الموسيقى الملكية التقليدية رغم أن مملكة جوسون فقدت سيادتها ومعظم سلطاتها في شبه الجزيرة الكورية، مما أنقذ الموسيقى الكورية التقليدية من الضياع والاندثار. كما أن مؤسسة الموسيقى الوطنية التي تأسست في العاصمة المؤقتة بوسان خلال الحرب الكورية قامت بدور هام في جمع الآثار الموسيقية التي بددتها الحرب. وبعد اتفاقية الهدنة التي وقعت عام ١٩٥٣، انتقلت مؤسسة الموسيقى الوطنية إلى العاصمة سيول وأدت وما زالت تؤدي دورا محوريا في الحفاظ على أصول الموسيقى الكورية التقليدية وتدعم الأنشطة الإبداعية المتعلقة بها إلى اليوم.بالإضافة إلى ذلك، فإن القانون الخاص بالحفاظ على الآثار الثقافية الذي دخل حيز التنفيذ عام ١٩٦٢ يساهم مساهمة كبيرة في الحفاظ على الموسيقى الكورية التقليدية. وتنفذ الحكومة الكورية حاليا نظام "التراث الوطني غير المادي" وفقا لهذا القانون. ويهدف هذا النظام إلى تعيين المجالات الفنية التقليدية المهمة وتقديم الدعم للحفاظ عليها فضلا عن تعيين الفنانين البارعين ودعمهم لنقل التراث الثقافي الثمين إلى الجيل الجديد. وأدرجت الحكومة عدة أنواع فنية تقليدية في قائمة التراث الوطني غير المادي، ومنها "موسيقى المراسم في جونغ ميو" و"الغاغوك" و"البانسوري" و"السانجو باستخدام آلة الديغوم" و"الأغاني الفلكلورية في محافظة غيونغ غي". ومن المثير للاهتمام أن معظم الموسيقيين الذين يحظون باهتمام كبير في هذه الأيام متخصصون في الأنواع الفنية التي أُدرجت في هذه القائمة. فعلى سبيل المثال، فإن الفنانة "هو يون-جونغ" من فرقة "بلاك سترينغ" متخصصة في "السانجو بآلة الغومونغو" والفنان "لي إيل-وو" من فرقة "جامبيناي" متخصص في موسيقى المزمار التقليدي والديتشويتا، والفنان "آن إي-هو" من فرقة "إي نال تشي" متخصص في البانسوري، والفنان "لي هي-مون" متخصص في الأغاني الفلكلورية في محافظة غيونغ غي. حفلة موسيقية بعنوان "تصفيق ثم تصفيق" أقامتها فرقة "غوري يا" في سبتمبر عام ٢٠٢٠ في قاعة غوري للفنون في الذكرى العاشرة لتشكيلها. وتحاول هذه الفرقة دمج مختلف أنواع الموسيقى منذ تشكيلها عام ٢٠١٠ وتركز على خصائص الآلات الكورية التقليدية وعناصر الأنواع المختلفة من الموسيقى الفلكلورية في شتى أنحاء العالم.© مؤسسة غوري للثقافة استقرار الموسيقى التقليديةأسست جامعة سيول الوطنية قسم الموسيقى الكورية التقليدية عام ١٩٥٩. ويكتسب وجود هذا القسم ضمن أقسام الجامعة أهمية خاصة لأنه يجعل الموسيقى الكورية التقليدية ضمن المجالات العلمية، وأدى إلى تأسيس أقسام موسيقى كورية تقليدية في مختلف الجامعات في أرجاء كوريا. وعلى وجه الخصوص، فإن الفنانين المتخرجين في هذه الأقسام الموسيقية من مختلف الجامعات ساهموا مساهمة كبيرة في تطوير الموسيقى الكورية التقليدية لا سيما في حقبة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.ويرى ذلك الجيل الجديد من فناني الموسيقى الكورية التقليدية الذين تلقوا التعليم العالي في الجامعات أن إيجاد طريقة لولوج الموسيقى الكورية التقليدية إلى الجمهور أكثر أهمية من الحفاظ على أصولها ونقلها إلى جيل جديد، خلافا للجيل القديم الذي شهد أزمة اضمحلال قيمة الموسيقى الكورية التقليدية في الأحداث المؤلمة التاريخية في القرن العشرين. ونتيجة لذلك، صدرت الكثير من الأعمال الموسيقية الجديدة التي تمتزج فيها عناصر الموسيقى الكورية التقليدية والعناصر الموسيقية الحديثة. وتوسع نطاق أنشطتهم بشكل كبير جدا حتى شمل تلحين الأغاني الحديثة المتأثرة بالأغاني الفلكلورية وأغاني البانسوري التي يعرفها عامة الكوريين جيدا بشكل نسبي وعزف الأعمال الموسيقية الغربية الكلاسيكية بالآلات الموسيقية الكورية التقليدية.على وجه الخصوص، لعبت موسيقى "السامول نوري" التي ظهرت في أواخر السبعينيات من القرن الماضي دورا رياديا في تسهيل وصول الجمهور إلى الموسيقى الكورية التقليدية. وهذه الموسيقى، "السامول نوري"، تعود أصولها إلى الموسيقى الفلكلورية التي كان سكان القرى الريفية يستمتعون بسماعها وأدائها في العصور القديمة، وتتسم بالإيقاعات والنغمات المنسجمة التي تصنعها أربعة أنواع من الآلات الإيقاعية التقليدية، وهي "البوك" و"الجانغو" و"القوينغ غواري" و"الجينغ". ويسلط الموسيقيون الشباب الضوء على خصائص موسيقى "السامول نوري" وعناصرها لإعداد عروضهم وينجحون في جذب أنظار الجمهور بتقديم العروض الموسيقية الممتعة التي يمكن لعامة الناس التمتع بها بسهولة، مما يبعث طاقة جديدة في الموسيقى الكورية التقليدية التي كانت بعيدة عن الأنظار والأسماع لفترة طويلة. تحوّل موسيقيفي الثمانينيات من القرن الماضي حيث شهدت سوق الموسيقى الشعبية نموا كبيرا، ظهرت الأغاني المتأثرة بالأغاني الفلكلورية الكورية التقليدية التي يمكن أن يغنيها عامة الناس بسهولة، وحظيت بشعبية واسعة حتى أُطلق عليها اسم "غوك آك غايو" الذي يعني الأغاني الشعبية المؤداة بالموسيقى الكورية التقليدية. وكذلك، استمرت المحاولات لإيجاد التناغم والانسجام بين الآلات الموسيقية الكورية التقليدية وبين الآلات الموسيقية الغربية، مما أدى إلى ولادة نوع جديد من الموسيقى الكورية التقليدية في التسعينيات من القرن الماضي. من جهة أخرى فإن موجة العولمة التي بدأت بمناسبة دورة الألعاب الأولمبية لعام ١٩٨٨ التي عُقدت في العاصمة الكورية سيول تركت تأثيرا آخر على الموسيقى الكورية التقليدية أيضا، إذ أصبحت الثقافة الغربية منتشرة في المجتمع الكوري بعد فتح السوق الكورية واستقرار الأنظمة التجارية الجديدة، مما زاد في وعي الكوريين بثقافتهم التقليدية. وفي هذه الظروف الاجتماعية، حققت أغنية«سينتو بوري» (١٩٩٣م) للمغني "بي إيل-هو" التي تعزز أهمية استخدام المنتجات الزراعية المحلية نجاحا كبيرا، وأحرز فيلم«سو بيون جي» الذي أخرجه "إيم غون-تيك" في العام نفسه وحقق البانسوري نجاحا تجاريا كبيرا حتى أُطلق عليه اسم "الفيلم الشعبي". كما أن أحد الإعلانات التلفزية للأدوية الذي ظهر فيه مغني البانسوري "باك دونغ-جين" (١٩١٦-٢٠٠٣م) وهو يقول "ما صُنع في أرضنا ثمين!" حظي بشعبية كبيرة فأصبحت تلك الجملة متداولة على ألسنة الكوريين لفترة طويلة. وفي ذلك الوقت، حددت الحكومة الكورية عام ١٩٩٤ كـ"سنة لزيارة كوريا" و"سنة الموسيقى الكورية التقليدية" لتنشيط الصناعة السياحية وللاحتفال بالذكرى المئوية السادسة لاختيار مدينة سيول عاصمة للبلاد. وكانت الموسيقى الكورية التقليدية رمزا رئيسا للمنتجات الثقافية الكورية. مع ذلك، فقد أدت الأزمة المالية الآسيوية التي أصابت كوريا بعد سنوات إلى تدهور الأنشطة الفنية، مما جعل كثيرا من الفنانين والموسيقيين العاملين في مجال الموسيقى الكورية التقليدية يتساءلون عن " الموسيقى المناسبة لكسب الرزق والبقاء؟". رقصة المروحة الكورية التقليدية التي أداها "جيمين" من فرقة بي تي إس في حفل توزيع جوائز ميلون الموسيقية عام ٢٠١٨ حيث قدمت الفرقة عرضا خاصا لأغنيتها "آيدول" اتسم باستخدام أنواع مختلفة من الرقص الكوري التقليدي، ومنها رقصة المروحة التي أداها "جيمين" ورقصة "سامغو" التي أداها "جي-هوب" ورقصة "بونغ سان" للقناع التي أداها "جونغ غوك". حظي هذا العرض بإقبال حار من المشاهدين.© شركة كاكاو للترفيه مشهد من الفيديو الموسيقي لأغنية "دي تشي تا" في الشريط الموسيقي الثاني "دي-٢" الذي طرحه المغني "شوغا" عضو فرقة بي تي إس عام ٢٠٢٠. تتسم هذه الأغنية بالانسجام الجميل بين إيقاعات الراب وألحان موسيقى "دي تشي تا" التي كانت تُعزف في مسيرات رسمية للملوك والمسؤولين الحكوميين خلال عصر مملكة جوسون.© شركة هيب المحدودة أصبح فنانو الموسيقى الكورية التقليدية وعامة الناس يستمعون إلى مختلف الأنواع الموسيقية في شتى أنحاء العالم بفضل انتشار الإنترنت منذ أواخر التسعينيات من القرن الماضي، حيث ظهر نوع جديد من الموسيقى متأثر بمختلف الأنواع من الموسيقى التقليدية والموسيقى الفلكلورية في مختلف الدول يُسمى بـ"الموسيقى العالمية". وأصبحت الموسيقى من الهند وإفريقيا وغيرهما من مختلف المناطق والبيئات الثقافية حوافز تشجع فناني الموسيقى الكورية التقليدية على خلق نوع جديد من الموسيقى. وعلى وجه الخصوص، بدأ كثير من الفنانين الكوريين يعزفون الموسيقى التي تمتزج فيها عناصر مختلف الأنواع الموسيقية، مثل فرقة "بوري" التي كان يقودها الفنان "وون إيل" وفرقة "غونغ ميونغ" للموسيقى العالمية، وحظوا بإقبال كبير في المهرجانات الموسيقية العالمية والأسواق الموسيقية الأجنبية، مما جعل الكوريين يعتبرون التغيير والتحويل طريقة إبداعية للحفاظ على الموسيقى الكورية التقليدية. كما أن منظمة اليونسكو قررت إدراج "آ ري رانغ" ضمن قائمة التراث العالمي غير المادي موضحة: "لا يزال الكوريون يغنون هذه الأغنية القديمة وينقلونها من جيل إلى جيل عن طريق تغييرها الإبداعي في آن واحد". مشهد من الحفلة الموسيقية الافتراضية بعنوان "مينيو" التي أقامها المغني "لي هي-مون" على موقع نيفر الإلكتروني في يوليو عام ٢٠٢١. وقدم المغني هذه الصورة التي تعرض المظهر الساحر لشخصية "مينيو" الافتراضية التي أنتجها. ويأتي اسم شخصية "مينيو" من الموسيقى الفلكلورية الكورية التقليدية المسماة بالاسم نفسه.مقدمة من شركة لي هي مون تعاون وتآزر ساهم كل ما ذكرته أعلاه في ولادة "بوب جوسون" التي تشهد شعبية كبيرة اليوم كأحد أنواع الموسيقى الشعبية. وفي هذا الاتجاه الموسيقي الجديد، ظهرت "بلاك سترينغ" و"جامبيناي" و"إي نال تشي" وغيرها من الفرق الموسيقية التي تحظى بإقبال حار ليس في كوريا فحسب، بل في الدول الأجنبية أيضا. كما أن مهرجان "يو وو راك" الذي يقيمه المسرح الوطني الكوري كل سنة منذ عام ٢٠١٠ استقر بنجاح كمهرجان موسيقي عالمي يعرض التغيرات التي تطرأ على أعمال فناني الموسيقى الكورية التقليدية في هذه الأيام. في هذا الاتجاه، نشهد تغيرا ملحوظا في طريقة تعامل الفنانين من المجالات الأخرى مع الموسيقى الكورية التقليدية وتحولا كبيرا في وعي عامة الناس بها، وظهر ذلك من خلال برنامج مسابقة الموسيقى الكورية التقليدية الذي بثته قناة "جي تي بي سي" بعنوان "بونغ ريو داي جانغ" خلال الفترة ما بين سبتمبر وديسمبر عام ٢٠٢١، وأظهر فيه فنانو الموسيقى الكورية التقليدية الشباب اختباراتهم الموسيقية الجريئة، مما جعل المشاهدين مسحورين بموسيقاهم الغريبة الممتعة. وفي هذه الأيام، يزداد عدد فناني الموسيقى الكورية التقليدية الذين يتلقون الدعوات من فناني المجالات الأخرى، مثل المسرح والرقص والسينما والمسرح الموسيقي والفن التشكيلي، للتعاون معهم في صنع أعمال فنية جديدة. فعلى سبيل المثال، يتعاون المغني "لي هي-مون" باستمرار مع الفنانين الآخرين من مختلف المجالات الفنية، ومنها تصميم الأزياء والفن المرئي والفيديو الموسيقي. وفي هذا الصدد قال المغني في مقابلته الأخيرة معي: "من المهم أن نحافظ على أصول الموسيقى الكورية التقليدية، لكن الأهم هو أن علينا أن نتذكر أنها تمثل مفتاحا سحريا في إحداث تغير جديد في الفنون الأخرى". لننتظر ونشاهد كيف تصل "بوب جوسون" إلى مزيد من المولعين بالموسيقى العالمية الذين يستكشفون موسيقى جديدة من شتى أنحاء العالم.#Gugak
Features 2022 SPRING 587
تتجاوز حدود البلاد آلات موسيقية كورية تتكون الآلات الموسيقية الكورية التقليدية من حيث الأصل من نوعين من الآلات؛ آلات موسيقية كورية أصيلة وآلات موسيقية انتقلت إلى شبه الجزيرة الكورية أثناء التبادل التجاري مع دول قارتي آسيا وأوروبا. كانت هذه الآلات الموسيقية وما زالت تسجل ثقافات المجتمعات والأفراد ومشاعرهم التي تشهدها أرض كوريا منذ زمن بعيد. كانت هناك آلات موسيقية شهدت إقبالا كبيرا ثم تلاشت تدريجيا، وبعض الآلات الموسيقية المنسية عادت لتحظى بالاهتمام من جديد مع مرور وقت. وفي هذه المقالة، أود أن أعرض عليكم بعض الآلات الموسيقية الكورية التقليدية التي تحظى باهتمام كبير في هذه الأيام. تعكس جميع الآلات الموسيقية في العالم العناصر الثقافية للمجتمعات التي تظهر فيها. بعبارة أخرى فإن مواد صنعها وأشكالها وأحجامها وطرق العزف عليها، كلها نتيجة لتأثرها بالعناصر الخارجية المتنوعة مثل التضاريس الجغرافية والطقس والأديان والظروف السياسية. ونادرا ما نجد آلات موسيقية لا تتأثر بأي عنصر خارجي. مع ذلك، حتى لو ظهرت بعض الآلات الموسيقية دون تأثرها بأي شيء، فمن الطبيعي أن تتدخل العناصر الاجتماعية فيها أثناء انتشارها بين الفنانين. وتظهر الآلات الموسيقية الجديدة نتيجة انصهار مختلف الثقافات واحتكاك بعضها مع بعض. ويمكن القول إن هوية الآلات الموسيقية تتغير باستمرار مع مرور الوقت لتتطابق مع الاتجاهات الجديدة التي تظهر في المجتمع.وينطبق الشيء نفسه على الآلات الموسيقية الكورية، فقد انتقل بعض منها من الصين إلى كوريا وتم تعديلها لتتناسب مع الموسيقى الكورية، وهناك آلات موسيقية كورية يعود أصلها إلى الآلات الموسيقية الغربية التي دخلت إلى كوريا في القرن العشرين. وفي هذه الأيام، يطوّر بعض الفنانين آلات موسيقية تقليدية لتكبير صوتها أو لتوسيع نطاق نغماتها. وتحاول الآلات الموسيقية الكورية تجاوز الحدود باستمرار وكتابة صفحة تاريخية خاصة بها. ومن جهة أخرى فإن انتشار الموسيقى الغربية في المجتمع الكوري أدى إلى تغيير أنماط عزف الموسيقى وأصبحت العروض الموسيقية التي تقدمها الفرق الموسيقية أو الأوركسترا الكبيرة شائعة. لكن العزف الجماعي لا يتناسب مع الآلات الموسيقية الكورية لأنه لا يُظهر الخصائص الخاصة لكل آلة من الآلات الموسيقية الكورية. وعلى وجه الخصوص، فإن الآلات الموسيقية الكورية ذات الصوت الضعيف أو التي ليست مناسبة لعزف النغمات المنسجمة لا تستطيع أن تؤدي دورا رئيسا في العروض الموسيقية. ومع ذلك، نشهد اليوم ازدياد عدد فناني الموسيقى الكورية التقليدية الذين يقدمون عروضا بمفردهم لإظهار الخصائص الخاصة لكل آلة موسيقية كورية تقليدية. وظهرت مقطوعات العزف المنفرد التي تركز على الآلات الموسيقية الكورية التي لا تظهر خصائصها في العزف الجماعي أو التي نادرا ما تُستخدم للعزف المنفرد. كما أننا نشهد تنوعا في طرق عزف الآلات الموسيقية وكيفية ترجمة الموسيقى الكورية التقليدية مقارنة بالماضي. في هذه الأيام، لا تتوقف قدرة الآلات الموسيقية الكورية التقليدية عند إنتاج النغمات والجمل الموسيقية الكورية التقليدية، بل تَعَدّتها لتنتج مختلف الأصوات والنغمات والجمل الموسيقية، ومنها الموسيقى الحديثة التي تختلط فيها عناصر من أنواع مختلفة من الموسيقى دون أي قيود. الغومونغوأهم آلة موسيقية كورية تقليدية تمثّل الآلة الموسيقية الوترية الكورية "الغومونغو" رمزا للثقافة الكورية، ويُطلق عليها الكوريون منذ زمن بعيد وصف "أفضل آلة موسيقية". ولا تُستخدم الغومونغو في العزف الموسيقي فحسب، بل إن المثقفين الكوريين يعزفون عليها لتهدئة المشاعر السلبية أيضا. ويشبه شكلها شكل آلة الغاياغوم، وهي آلة موسيقية وترية كورية أخرى، إلا أن خصائصها مختلفة عنها تماما في أمور كثيرة. فأولا، يمكن الشعور بهذا الاختلاف في صوتها. إذ تُصدر الغومونغو نغمات منخفضة ثقيلة لأن أوتارها أكثر سمكا من أوتار الغاياغوم. وثانيا، فإن طريقة عزف الغومونغو تختلف عن طريقة عزف الغاياغوم، حيث يتم عزف الغاياغوم بالأصابع في حين يتم عزف الغومونغو بضرب الأوتار باستخدام عصا خشبية تسمى "سولدي". لذلك، تصدر الغومونغو نغمات ثقيلة جدا مقارنة بالآلات الوترية الكورية الأخرى لأنها تتميز بجمع خصائص الآلات الوترية وخصائص الآلات الإيقاعية معا.تقوم الغومونغو بدور رئيس في العزف الجماعي الكوري التقليدي. مع ذلك، فإن دورها أصبح ضيئلا بشكل تدريجي في هذه الأيام ولا تؤدي عملا رئيسا في معظم المقطوعات الموسيقية الجديدة. ويعود السبب في ذلك إلى أن صوتها الضعيف البسيط لا يتناسب مع العزف الجماعي الحديث الذي تشارك فيه الفرق الموسيقية الكبيرة كالأوركسترا الغربية. في الحقيقة، فإنه من الصعب جدا تلحين الأعمال الموسيقية التي تستطيع إظهار خصائص الغومونغو بشكل جيد. ومع ذلك، شهدنا في السنوات الأخيرة ظهور عازفي الغومونغو الموهوبين الذين يقدمون عروضا تجذب الأنظار. فعلى سبيل المثال، تخلق عازفة الغومونغو الموسيقارة "هوانغ جين-آه" أعمالا موسيقية حديثة جذابة تركز على خصائص الغومونغو. وعبرت هذه الفنانة عن الفرق بين مشاعر الرجل ومشاعر المرأة بعد الافتراق بأصوات ممتعة جذابة في مقطوعتها "فوضى الحب" التي طرحتها عام ٢٠٢١. وتركز هذه المقطوعة على النغمات الإيقاعية الخاصة التي لا يمكن لآلة إنتاجها إلا آلة الغومونغو. البيريقصبة تحركها الأنفاس هناك آلة موسيقية لا تكون كاملة إلا عندما يتم إدخال الأنفاس فيها. "البيري" آلة نفخ كورية تقليدية تُصنع من الخيزران ويجب إمساكها بشكل عمودي أثناء العزف عليها. وهناك ثلاثة أنواع من البيري؛ وهي "هيانغ بيري" و"دانغ بيري" و"سي بيري". تُنتج آلة "البيري" نغمات رئيسة في معظم المقطوعات الموسيقية الكورية التقليدية سواء أكانت الموسيقى الملكية أم الموسيقى الفلكلورية الشعبية. وتنقسم آلات النفخ الموسيقية بشكل عام إلى آلات ذات قصبة، يهتز الهواء فيها بطريقة معينة فينتج صوتا موسيقيا، وهناك آلات أخرى التي لا تحتاج إلى وجود هذه القصبة. أما آلة البيري فإنها قصبة مزدوجة تُسمى "سو". ويتم العزف عليها عن طريق دفع الهواء داخلها وغلق الثقوب وفتحها بالأصابع مثل الآلات الموسيقية النفخية العادية الأخرى. ويمكن استخدام اللسان وتغيير طريقة وضع شفتين على القصبة لتغيير نوع النغمات وهناك تقنيات موسيقية متنوعة لا يمكن أداؤها إلا باستخدام البيري. والعزف على هذه الآلة الموسيقية يتطلب مستوى عاليا من تقنيات العزف للاستفادة الكاملة من خصائصها الفريدة من نوعها. وتغطي آلة بيري نطاقا واسعا من النغمات وتنتج أصواتا قوية. لذلك، غالبا ما تُستخدم لعزف نغمات رئيسة في المقطوعات الموسيقية التي يتم تلحينها في العصر الحديث. ومع ذلك، فمن الصعب إيجاد فرقة موسيقية مكونة من عازفي البيري وحدهم. وفرقة "البيري بو" هي فرقة موسيقية مكونة من ثلاثة أعضاء؛ عازفي بيري ومخرج واحد. وتقدّم هذه الفرقة ترجمة جديدة لمقطوعات الموسيقى الكورية التقليدية بالتركيز على خصائص الآلات الموسيقية التي تستخدمها. وقد نجحت في خلق أسلوبها الخاص بها في مقطوعتها "في دودري" التي طرحتها عام ٢٠٢١، عن طريق تعديل النغمات الرئيسة في المقطوعتين الموسيقيتين التقليديتين "تشون نيون مان سي" و"يانغ تشونغ دودري" اللتين كان يتم عزفهما في الحفلات الملكية والحفلات التي كان يقيمها النبلاء في عصر مملكة جوسون. وتتسم مقطوعة "يانغ تشونغ دودري" بنغمات سريعة مرحة يمكن لأي شخص تذكرها بسهولة. وكانت الفرقة تركز على هذه الخصائص خلال إعادة تلحينها وأصدرت مقطوعة "في دودري" التي يتم عزفها باستخدام البيري والسينغ هوانغ. الوونرا .. اهتزاز وصدى لا يعود تاريخ جميع الآلات الموسيقية الكورية إلى زمن بعيد، فمثلا دخلت آلة "الوونرا" إلى أرض شبه الجزيرة الكورية من الصين في الماضي القريب نسبيا. ونحن هنا لا نعرف على وجه الدقة متى بدأ الكوريون يعزفون عليها لأول مرة بالضبط، غير أننا نستطيع أن نُخمن وقت انتقالها إلى شبه الجزيرة الكورية، فكتاب "آك هاك غوي بوم" (١٤٩٣م) الذي يُعد من الكتب الموسيقية الرئيسة في عصر مملكة جوسون لا يذكر شيئا عن هذه الآلة الموسيقية، مما يعني أنه حتى وقت تأليف هذا الكتاب الموسيقي لم تكن معروفة في كوريا، بمعنى أنها حتى ذلك الحين لم تكن قد دخلت البلاد بعد، ولكن نجد أن اسمها يظهر في السجلات التاريخية التي أُلفت في أواخر عصر مملكة جوسون.وآلة الوونرا آلة موسيقية إيقاعية تتكون من أقراص نحاسية تُسمى "الدونغرا" ويتم العزف عليها بالضرب على هذه الأقراص بعودين صغيرين. ويمكن أن تنتج الوونرا نغمات تختلف عن النغمات التي تُصدرها الآلات الموسيقية الإيقاعية العادية. ويتم ترتيب الأقراص النحاسية في طوابق عديدة وتُنتج الأقراص في الجانب الأيمن العلوي صوتا أعلى مقارنة بالأقراص الموجودة في الجانب الأيسر السفلي. ويُصدر القرص الذي يقع في وسط الطابق الأعلى أعلى الأصوات. وكيفية عزفها بسيطة، إذ يمكن عزفها بمجرد ضرب القرص بالعودين.وتُستخدم هذه الآلة لعزف المقطوعات الخاصة بمراسم تغيير الحرس الملكي أو المسير الملكي. وعادة ما تُستخدم مع الآلات الموسيقية الإيقاعية الأخرى ولا تُستخدم بمفردها إلا في حالات نادرة. وفي الآونة الأخيرة، عرضت العازفة الإيقاعية "هان سوليب" محاولات موسيقية متنوعة باستخدام الوونرا وغيرها من الآلات الموسيقية الإيقاعية المختلفة. وتثير الأصوات النقية الرائعة التي تنتجها الوونرا في مقطوعة "كان البالغون جميعهم أطفالا" التي طرحتها الفنانة "هان" عام ٢٠١٨، الشعور بالدفء وتجعل المستمعين إليها يشعرون وكأنهم في حلم. ويبدو أن أصوات الوونرا في هذه المقطوعة مختلفة عن أصوات الوونرا التي تُستخدم في عزف مقطوعات المسير، لأن الفنانة ركزت على الصدى الهادئ والنغمات الغنائية وليس على الأصوات القوية التي تصدر في حال ضرب الأقراص بشدة. © تشوي يونغ-مو التشول هيون غوم .. تحولات الغيتار الرائع آلة تشول هيون غوم هي آلة موسيقية وترية اخترعها البهلوان البارع في السير على الحبل "كيم يونغ-تشول" الذي كان عضوا في فرقة "نام سا دانغ بي" للعروض الفلكلورية الكورية في الأربعينيات من القرن الماضي. وتُعد التشول هيون غوم التي يعود أصلها إلى الغيتار الغربي من الآلات الموسيقية الكورية القليلة التي ظهرت إلى الوجود عن طريق تطوير الآلات الموسيقية الغربية لتتناسب مع الموسيقى الكورية التقليدية.ويُقال إن فكرة تطوير الغيتار خطرت ببال الفنان "كيم" عندما وضع الغيتار على الأرض وعزف عليه بطريقة عزف الغومونغو لمجرد المتعة. لذلك، فمن الطبيعي أن تنسجم خصائص الغيتار مع خصائص الغومونغو في تشول هيون غوم. وتختلف الآلات الوترية الكورية عن التشول هيون غوم في أن أوتار الآلات الموسيقية الوترية الكورية العادية مصنوعة من القطن، في حين أن أوتار التشول هيون غوم مصنوعة من الحديد مثل أوتار الغيتار.ومن جهة أخرى فإن طريقة عزفها تشبه طريقة عزف الغومونغو وليس طريقة عزف الغيتار. ويتم العزف عليها بِحَكّ الأوتار بعود خشبي في اليد اليمنى وبحجر اليشم في اليد اليسرى. ورغم أن أوتار التشول هيون غوم مصنوعة من الحديد مثل الغيتار، فإن أصواتها مختلفة عن أصواته بسبب الاختلاف في طريقة العزف. ويمكن القول إن هذه الآلة الفريدة من نوعها تبث طاقة العصر الحديث والطاقة التي تشجع على إحداث التغيير.في الحقيقة فإن التشول هيون غوم ليس منتشرا بين عامة فناني الموسيقى الكورية التقليدية، فمن الصعب أن نجد فنانا متخصصا فيها. وبالطبع، هناك عدد قليل من المقطوعات التي يمكن عزفها بآلة التشول هيون غوم. ومع ذلك، صدرت العديد من المقطوعات الجديدة التي تركز على هذه الآلة في السنوات الأخيرة. فعلى سبيل المثال، يمكن سماع صوتها في مقطوعة "موجة قشرة الدماغ الحديثة" التي أصدرتها فرقة "هي سترينغ" المكونة من ثلاث عازفات غاياغوم. وفي هذه المقطوعة، يمكن التمتع بالأصوات الحادة التي تنتجها الأوتار الحديدية وتختلف اختلافا تاما عن أصوات الغاياغوم الناعمة. © سونغ غوانغ-تشان الجانغوأهم آلة موسيقية كورية تقليدية تُستخدم الآلة الموسيقية الإيقاعية الكورية "الجانغو" في معظم أنواع الموسيقى الكورية التقليدية لأن صوتها يساعد في تحقيق الانسجام بين نغمات مختلف الآلات الموسيقية وإيقاعاتها، حتى يمكن القول إن الجانغو هي بداية الموسيقى الكورية ونهايتها. ويتم صنع الجانغو عن طريق ربط لوحين دائريين من الجلد بطرفي أنبوب خشبي فارغ يكون وسطه ضيقا، ويتم العزف عليها عن طريق ضرب هذين اللوحين الجلديين. ويُسمى اللوح الجلدي الأيسر من الجانغو بـ"بوك بيون" أو "غونغ بيون" ويُسمى اللوح الجلدي الأيمن منها بـ"تشي بيون". يتم ضرب "البوك بيون" باليد أو بعصا "الغونغ تشي" التي تكون حافتها مستديرة، وأما "التشي بيون" فيتم ضربه بعصا "اليول تشي" وهي عصا خشبية طويلة نحيفة. وتُعد آلة الجانغو من الآلات الموسيقية الجانبية بشكل عام. بالطبع، فإن هناك أنواعا موسيقية كورية تقليدية، مثل "السول جانغو" و"البونغ مول غوت"، وتتخذ الجانغو كآلة موسيقية رئيسة وتركز على إيقاعات الجانغو وتقنيات عزفها. مع ذلك، وللحقيقة فإن عدد المقطوعات التي يتم عزفها بالآلات الموسيقية الإيقاعية وحدها أو التي تلعب فيها الآلات الموسيقية دورا رئيسا، ليس كبيرا. مع ذلك، نشهد في هذه الأيام ازدياد عدد عازفي الآلات الإيقاعية الذين يقدمون عروضا بمفردهم ويقدمون الموسيقى الجديدة التي تركز على الآلات الموسيقية الإيقاعية سعيا إلى توسيع دائرة استعمالها. والعازفة الإيقاعية "كيم سورا" خير مثال على ذلك. فقد أصدرت ألبومها الثاني "المناظر الطبيعية" عام ٢٠٢١ الذي ترجمت فيه مقطوعات الفلكلورية الشامانية التقليدية بأسلوبها الخاص. ويمكن الشعور بالطاقة المتفجرة والبساطة الجميلة من الأصوات التي تنتجها هذه الفنانة بالجانغو. وتجعل موسيقاها المستمعين يشعرون بالتوتر والراحة في آن واحد وتبث فيهم حيوية قوية.#Gugak