메인메뉴 바로가기본문으로 바로가기

2022 AUTUMN

المتحف بيت يمنح الفنان الخلود

ثمة متاحف تحمل اسم فنان معين، وفي معظم الحالات، تنشئ هذه المتاحف البلديات أو المؤسسات الثقافية تكريما لهذا الفنان. وأعتقد أن هذا النوع من المتاحف التي بُنيت تكريما للفنانين الكوريين الذين تركوا بصمات لا تُمحى في تاريخ الفنون الكورية تحافظ على إنجازاتهم الفنية وتساهم في تخليدهم وتمنح أسماءهم حياة أبدية.

مدخل متحف هوانكي الواقع عند سفح جبل بوكآك في العاصمة الكورية سيول. يتسم مبنى المتحف بالخطوط المنحنية الناعمة التي تعمل على تناغمه مع الطبيعة المحيطة به. وقد تم إنشاء الجزء الأسفل من المبنى بالمواد الصخرية، وأما السقف فمصنوع من النحاس المطلي بالرصاص. بُني هذا المتحف عام ١٩٩٢ تكريما للفنان كيم هوانكي ويسعى إلى استكشاف فنانين جدد ودعمهم. وحصل هذا المبنى على جائزة كيم سو-غون للعمارة عام ١٩٩٤.
© مؤسسة هوانكي، متحف هوانكي

تنقسم المتاحف الفنية التي تحمل أسماء أشخاص معينين إلى فئتين؛ الفئة الأولى هي تلك التي سُميت باسم راعٍ كان جامعا متحمسا للقطع الفنية، مثل متحف سولومون غوغنهايم ومتحف ويتني للفن الأمريكي، وتشير هذه المتاحف إلى الفلسفة لدى رعاتها والاتجاهات الفنية التي تشاركها المعروضات التي جمعها الرعاة. أما الفئة الثانية فهي تلك التي يُطلق عليها اسم فنان معين، مثل متحف فان غوخ ومتحف بيكاسو ومتحف ماتيس. وهذه المتاحف تقدم فرصة لاستكشاف جوانب مختلفة من أعمال الفنانين وحياتهم.

في السنوات العشر الأخيرة، ظهرت في كوريا أيضا كثير من المتاحف التي سُميت باسم فنان معين، حيث بُنيت معظمها في مسقط رأس الفنان أو منطقة لها علاقة به، ومتحف “جونغنو باك نو-سو” للفنون في حي جونغنو من العاصمة سيول ومتحف “تشوي مان لين” في حي سونغ بوك من العاصمة أيضا مثالان على المتاحف التي تحولت من مساكن الفنانين إلى معارض فنية. وكان الفنان “باك نو-سو” (١٩٢٧-٢٠١٣م) متخصصا في الرسم الكوري التقليدي ومشهورا بأسلوبه البسيط التأملي، في حين كان الفنان “تشوي مان لين” (١٩٣٥-٢٠٢٠م) أحد رواد فن النحت التجريدي في كوريا الجنوبية.

وكذلك، هناك في حي بيونغ تشانغ من العاصمة متحف “كيم جونغ-يونغ” الذي يسلط الضوء على فناني النحت الذين يُعدون مهمشين نسبيا في عالم الفنون. وفي حي هيوتشانغ من العاصمة، متحف “كيم سي-جونغ” الذي يتسم بأناقته. ويُعد الفنان “كيم جونغ-يونغ” (١٩١٥-١٩٨٢م) من رواد فن النحت التجريدي، وكان يسعى إلى صنع الأعمال النحتية التي تبعث الحيوية بالتركيز على الإنسان والطبيعة. وأما الفنان “كيم سي-جونغ” (١٩٢٨-١٩٨٦م) فإنه كان يركز على الموضوعات الدينية. وتُقيم هذه المتاحف، في الغالب، معارض وتوفر برامج تعليمية متنوعة تسلط الضوء على حياة الفنانين وأعمالهم الفنية، فيتمتع زوارها بفرصة طيبة لمعرفة المزيد من المعلومات التفصيلية عنهم.


نجح الفنان كيم هوانكي في بناء عالمه الفني الفريد عن طريق الدمج بين العناصر الكورية ومفهوم حركة الحداثة الغربية.
© مؤسسة هوانكي، متحف هوانكي

متحف هوانكي.. جسدان وقلب واحد
يمكن القول، بلا أدنى شك، إن الفنان كيم هوانكي (١٩١٣-١٩٧٤م) هو أبرز الفنانين في تاريخ الفنون الكورية. وسجل أحد أعماله الفنية الذي أطلق عليه اسم "الكون" (١٩٧١م) رقما قياسيا، حيث تم بيعه بمبلغ ٨٨ مليون دولار هونغ كونغ، وهو ما يعادل حوالي ١١.٢ مليون دولار أمريكي، في مزاد كريستيز في هونغ كونغ. تعلم الفنان "كيم" تقنيات الرسم الغربي أثناء دراسته في اليابان واستخدمها للتعبير عن المشاعر الكورية برسم القمر والجبال والبحار وأواني الخزف الأبيض وطيور الكركي وزهر البرقوق.

كان يبدو أن مستقبلا مشرقا في انتظاره في الأرض الكورية، إلا أنه ترك الشهرة والحياة المستقرة في كوريا وانتقل إلى مدينة نيويورك عام ١٩٦٣. في أمريكا، وجد المنهج التعبيري التجريدي ثم ابتكر على أساسه الفن التجريدي الكوري الفريد من نوعه الذي يعبر عن مشاعر الكوريين. وذلك يعني أنه أثبت قدرته على التخلص مما كان عليه في الماضي والانتصار على نفسه. ولهذا السبب، بقيت شهرته حتى يومنا هذا. لا يمكننا أن نجد نقطتين متشابهتين في لوحاته التنقيطية التجريدية التي صنعها عن طريق رسم آلاف النقاط بشكل متكرر.

لقطة من المتحف حيث يمكن مشاهدة اللوحات التنقيطية التي رسمها الفنان كيم في السبعينيات من القرن الماضي.
© مؤسسة هوانكي، متحف هوانكي

يقع متحف هوانكي في حي بوآم من العاصمة سيول. ويمكننا الوصول إليه بعد المرور بعدة أزقة متعرجة. وخلفه يقع جبل بوكآك، مما يجعل المتحف يبدو كأنه لوحة جميلة. اُفتتح هذا المتحف عام ١٩٩٢ بعد وفاة الفنان كيم هوانكي. وتبرعت زوجته الكاتبة “كيم هيانغ-آن” (١٩١٦-٢٠٠٤م) للمتحف بالكثير من أعماله الفنية. ويحتوي هذا المتحف على أكبر عدد من لوحاته التنقيطية التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات الأمريكية.

الاسم الحقيقي لزوجته “كيم هيانغ-آن” هو “بيون دونغ-ريم”. تزوجت السيدة “كيم” أولا الشاعر “إي سانغ” (١٩١٠-١٩٣٧م) الذي يُعد من رواد الأدب الكوري الحديث، إلا أن زوجها الأول تُوفي في سن مبكرة بسبب مرض الرئة، بعد أشهر من زواجهما. وبعد سبع سنوات من ذلك، قابلت السيدة “كيم” الفنان “كيم هوانكي” الذي كان قد فقد زوجته التي تركت له ثلاثة أطفال. رفضت عائلتها رفضا شديدا علاقتها به، غير أنها تزوجته وغيرت اسمها إلى “هيانغ-آن”، وهو الاسم المستعار لزوجها الجديد. أدركت السيدة كيم أن زوجها كان في حاجة إلى إحداث تغيير فني، واقترحت عليه الانتقال إلى مدينة باريس. غادرت إلى فرنسا قبله للبحث له عن ورشة عمل، والتحق بها زوجها بعد عام. بعد وفاة الفنان “كيم” في مدينة نيويورك، أنشأت السيدة كيم مؤسسة تحمل اسمه وافتتحت متحفا فنيا في حي بوآم بالقرب من وسط المدينة وتحيط به الطبيعة الجميلة. عند وفاة زوجها، قطعت عهدا على نفسها أن تكرس بقية حياتها للحفاظ على إرث زوجها الفني، والتزمت بهذا العهد حتى موتها.

يتسم متحف هوانكي بسقفه الذي يتخذ شكل الدائرة التي تنقسم إلى جزأين. ويبدو سقفه كأنه شخصان يقفان بجانب بعضهما بعضا. تظهر الصور المجرّدة لشخصين واقفين معا في أعمال “كيم” الأخيرة مثل لوحة “ثنائي” أيضا. وكذلك، هناك شجرتا صنوبر باسقتان في فناء المتحف، واللتان تشبهان الفنان وزوجته.

 

متحف جانغ ووك-جين.. الشوق للأسرة
في عام ١٩٦٣، افتتح الفنان "جانغ ووك-جين" (١٩١٧-١٩٩٠م) الذي كان يحب ببراءة تصوير الطبيعة والأسرة، ورشته في قرية دوكسو في مدينة يانغ جو من محافظة غيونغ غي، حيث يمكنه فيها الاستمتاع بجمال الطبيعة ولم يكن بيته بعيدا عنها. خلال إقامته في القرية لمدة ١٢ عاما، أقام أول معرض فردي له وشارك في عديد من المعارض الجماعية. وكانت هذه الفترة من حياته المهنية مليئة بالتجارب والمحاولات الفنية الجريئة.

في عام ٢٠١٤، اُفتتح متحف جانغ ووك-جين للفنون في مدينة يانغ جو بتبرع من عائلة الفنان جانغ بـ٢٦٠ عملا فنيا له للمدينة، منها اللوحتان الجداريتان “طاولة” (١٩٦٣م) و”عائلة الحيوان” (١٩٦٤م) اللتان أُزيلتا من جدران ورشة الفنان في قرية دوكسو عند هدمها ونُقلتا إلى المتحف. أعتقد أن مبنى المتحف الذي يتسم بلونه الأبيض البسيط يشير إلى أسلوب الفنان جانغ الذي يتسم بالبساطة. يقول المهندسان المعماريان “تشوي سونغ-هي” و”لورانت بيريرا” من مكتب “تشوي بيريرا” للهندسة المعمارية إنهما صمما هذا المتحف من وحي لوحة الفنان جانغ “نمر وعقعق” (١٩٨٤م).

كان جانغ يحب رسم اللوحات الصغيرة الحجم. ولوحته “صورة عائلة” (١٩٧٢م) التي تبرعت بها عائلته للمتحف وتُعد من المعروضات الرئيسة فيه، بحجم الكفّ، ويملأها بأكملها منزل صغير تعيش فيه عائلة تتكون من أب ذي شارب يعمل فنانا وأم ترتدي اللباس الأبيض وطفلين يمُدّان يديهما بشكل مؤدب أمام بطنيهما. ويحيط بالمنزل اللون الأحمر وكأنه غروب الشمس. وتبدو الأشجار التي تنتصب بجانب المنزل كأنها حراس يحمون هذه العائلة.

هناك جدول يجري فيه ماء صافٍ أمام المتحف. ويزوره كثير من الناس للعب في الماء في الصيف ويزورونه في الربيع والخريف لمشاهدة الأزهار الربيعية الجميلة والأوراق الخريفية الملونة. أعتقد أن الفنان جانغ الذي كان يكره المدينة التي تكتظ بالناس، كان يحب هذا المتحف الذي تحيط به المناظر الطبيعية التي تتغير مع تغير الفصول. يشير هذا المتحف بشكل جلي إلى أسلوبه الفني الذي يتميز بالتكوين السوريالي الجريء وعالمه الفني الذي يسلط الضوء على تناغم الطبيعة والحيوان والإنسان.

اُفتتح متحف جانغ ووك-جين الذي تديره بلدية مدينة يانغ جو عام ٢٠١٤ تكريما للفنان جانغ ووك-جين الذي يُعد من أشهر الفنانين الكوريين في العصر الحديث. وفي أكتوبر من العام نفسه، أدرجته قناة بي بي سي التلفزية البريطانية ضمن قائمة أعظم ثمانية متاحف فنية جديدة.
© متحف جانغ ووك-جين التابع لبلدية مدينة يانغ جو

«طفل»، ١٩٨٠م، لون زيتي على القماش، قياس ٣٣.٤ × ١٩.٢ سم
رسم الفنان جانغ ووك-جين هذه اللوحة عندما كان يقيم في قرية سوآنبو في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي حيث رسم كثيرا من المناظر الطبيعية.
© مؤسسة جانغ ووك-جين

«صورة عائلة»، ١٩٧٢م، لون زيني على القماش، قياس ٧.٥ × ١٤.٨ سم
أبدع جانغ هذه اللوحة عندما كان يقيم في قرية دوكسو في محافظة غيونغ غي، وتتسم بالتناظر في تكوينها الذي يُعد من الخصائص النمطية التي تشترك فيها معظم لوحات جانغ.
© مؤسسة جانغ ووك-جين

كان الفنان جانغ ووك-جين يحب رسم الأشياء المألوفة في الحياة العادية، مثل البيوت والأشجار والأطفال والطيور، ويحاول التعبير عن طبيعتها.
© كانغ وون-غو

 

رسم الفنان باك سو-غون مظاهر عامة الناس في لوحاته باستخدام الخطوط البسيطة والتكوين البسيط. ويبدو سطح لوحاته كأنه سطح الغرانيت الخشن.
© مون سون-هو

متحف باك سو-غون.. الحنين إلى مسقط الرأس
وُلد الفنان باك سو-غون (١٩١٤-١٩٦٥م)، الذي يُعد من أكثر الفنانين المحبوبين من كوريا الجنوبية، في قرية يانغ غو التابعة لمحافظة غانغ وون. عندما كان في سن ١٢ عاما، رأى لوحة "الملائكة" للفنان الفرنسي جان فرانسوا ميليه فقرر أن يصبح رساما مثله. مع ذلك، منعه الفقر المدقع من الحصول على التعليم الفني المنتظم. ولم تُتح له فرصة الدراسة في خارج البلاد أيضا. لذلك، كان عليه أن يتعلم الرسم على ذاته. وكانت الطبيعة أستاذه ومرشده حواسه.

بعد انتهاء الحرب الكورية، كان الفنان باك يعمل في متجر الجنود في معسكر أمريكي كرسام للصور الشخصية. ومن المعروف أن الكاتبة “باك وان-سو” (١٩٣١-٢٠١١م) التي تُعد من أشهر الكتّاب الكوريين، وتتسم أعمالها بالتركيز العميق على الوجه المظلم من الرأسمالية الحديثة، وتخلف نظام الأسرة الكورية التقليدية، وغيرهما من القضايا الاجتماعية التي يعيشها المجتمع الكوري الحديث، كانت تعمل في متجر الجنود هذا في ذلك الوقت. وتأثرت كثيرا بالفنان “باك” فألفت روايتها الأولى “الشجرة العارية” بإلهام من إحدى لوحاته.

كان الفنان “باك” يحب رسم الأشجار الخالية من الأوراق. الأشجار العارية هي الشيء الذي يخفي البراعم والزهور في داخله منتظرا قدوم فصل الربيع. ولوحاته البسيطة التي تثير الشعور بالوحدة تهمس بالأمل والشوق. كان الفنان يكرر طلاء الألوان وتجفيفها عدة مرات حتى تتشكل طبقات متعددة من الألوان، مما يجعل لوحاته تبدو كأنها نحت على الصخور. عبر الفنان عن الإنسان باستخدام خط بسيط وتبدو ملامح وجهه غير واضحة. لذلك، من الصعب التعرف على هوية شخوص لوحاته، إذ يمكن أن يكون أي شخص في العالم. وكذلك يمكن القول إن الأم التي تظهر في لوحاته تمثل أما للجميع. أعتقد أن أشكال الشخصيات المرسومة في لوحاته التي تتسم بالبساطة تشبه اللوحات الدينية التي رُسمت في العصور الوسطى.

في عام ٢٠٢٠، اُفتتح متحف باك سو-غون في قرية يانغ غو من محافظة غانغ وون حيث وُلد الفنان. صمم المهندس المعماري “إي جونغ-هو” هذا المتحف آملا بأن يكون منحوتا في الأرض كلوحات الفنان “باك”. يقع المتحف في أحضان الطبيعة ويتمتع بأجواء مريحة هادئة، ويحتوي على أكثر من ٢٣٥ عملا فنيا، منها الأعمال التي تبرعت بها عائلة الفنان ورعاة المتحف، والأعمال التي كان يشتريها المتحف قطعة تلو قطعة كل سنة. ويُشار إلى أن رئيس مجموعة سامسونغ الراحل “إي غون-هي” (١٩٤٢-٢٠٢٠م) الذي كان جامعا متحمسا للأعمال الفنية، كان من أشد المعجبين بأعمال الفنان “باك”، واشترى إحدى لوحاته “يوم الفراغ” (١٩٥٩م) في مزاد كريستيز في مدينة نيويورك عام ٢٠٠٣. وتبرعت عائلته بهذه اللوحة واللوحات الزيتية الثلاث الأخرى إلى جانب أربعة عشر رسما تخطيطيا إلى المتحف عام ٢٠٢١. هذا يعني أن لوحاته التي تثير الشعور بالدفء والحنين إلى الوطن عادت إلى موطن مبدعها.

سرادق باك سو-غون الموجود داخل متحف باك سو-غون التابع لقرية يانغ غو. اُفتتح هذا السرادق عام ٢٠١٤ في الذكرى المئوية لولادة الفنان باك وتُعرض فيه أعماله الفنية التي تبرع بها رعاته للمتحف.
© متحف باك سو-غون التابع لقرية يانغ غو

 

بُني متحف باك سو-غون التابع لقرية يانغ غو في مسقط رأس الفنان عام ٢٠٠٢ باستخدام صخر الغرانيت الذي يتشابه سطحه مع سطح لوحات الفنان الذي يبدو خشنا. كان عدد أعمال الفنان التي يمتلكها المتحف قليلا جدا لأن أعماله تُباع بأسعار مرتفعة جدا في سوق الأعمال الفنية، إلا أنه يملك حاليا ٢٣٥ قطعة من أعماله الفنية بفضل التبرع المستمر وجهود المتحف لشراء أعماله.
© مؤسسة السياحة الكورية

"يوم الفراغ"، ١٩٥٩م، لون زيتي على القماش، قياس ٣٣ × ٥٣ سم.
قدم الفنان باك سو-غون هذه اللوحة للدورة الثامنة لمسابقة جمهورية كوريا للفنون عام ١٩٥٩. اشتراها رئيس مجموعة سامسونغ الراحل "إي غون-هي" في مزاد كريستيز في مدينة نيويورك عام ٢٠٠٣ وتبرعت عائلته بها للمتحف عام ٢٠٢١.
© معهد باك سو-غون

 

«شجرة وامرأتان»، ١٩٥٦م، لون زيتي على ورق مقوى، قياس ٢٧ x ١٩.٥ سم
هذه اللوحة من أشهر لوحات الفنان باك وتعبر عن إرادة الكوريين الذين لا يتخلون عن أملهم رغم المعاناة التي تركتها الحرب الكورية. يُقال إن هذه اللوحة ألهمت الكاتبة باك وان-سو فألفت روايتها الأولى «الشجرة العارية» (١٩٧٠م).
© معهد باك سو-غون

متحف كيم تشانغ-يول .. العودة إلى الأصل
في متحف كيم تشانغ-يول الكائن في جزيرة جيجو، يمكننا أن نلتقي بأول لوحة من سلسلة "قطرات الماء" للفنان كيم تشانغ-يول (١٩٢٩-٢٠٢١م) المعروف بلقبه "رسام قطرة الماء". وُلد الفنان في قرية مينغ سان في محافظة بيونغ آن الجنوبية من الشطر الشمالي من شبه الجزيرة الكورية. في طفولته، لم يكن موهوبا في الفن فحسب، بل كان طفلا ذكيا جدا أيضا لدرجة أنه بدأ تعلم كتاب "الألف حرف أساسي" منذ سن مبكرة الذي يُعد كتابا أساسيا لتعلم الحروف الصينية القديمة. قال الفنان كيم إن الحكومة الكورية الشمالية صنفته ضمن المناهضين للشيوعية عندما كان في سن السابعة عشرة، فقرر عبور الحدود بين الكوريتين التي تُعرف باسم "خط العرض ٣٨" للفرار من كوريا الشمالية إلى كوريا الجنوبية. وبعدما أمضى ستة أشهر في مخيم للاجئين الشماليين في العاصمة الكورية الجنوبية سيول، التقى بأبيه بطريقة أشبه ما تكون بمعجزة. كان أبوه سعيدا جدا برؤية ابنه على قيد الحياة، وسمح له بأن يمارس الرسم أخيرا، رغم أنه كان يرفض رغبة ابنه باستمرار. التحق "كيم" بكلية الفنون التابعة لجامعة سيول الوطنية. وبعد اندلاع الحرب الكورية، انضم إلى قوات الشرطة. وبعد تخرجه من أكاديمية الشرطة، عمل شرطيا في جزيرة جيجو حوالي عام ونصف العام. وأدت علاقته هذه بجزيرة جيجو إلى افتتاح المتحف الذي يحمل اسمه فيها.

اُفتتح متحف كيم تشانغ-يول في جزيرة جيجو عام ٢٠١٦ تكريما للفنان كيم تشانغ-يول الذي يُعد من أشهر الفنانين الكوريين المعاصرين.شارك الفنان كيم تشانغ-يول في حركة الفن غير المنظّم في الستينيات من القرن الماضي وكشف عن عدة لوحات تجريدية تسلط الضوء على آثار الحرب العالمية، إلا أنه بذل كل جهوده في تصوير قطرات الماء باستخدام ورق الجرائد وقماش القنب والرمال والخشب وغيرها من المواد المختلفة منذ طرحه أول لوحة له رُسمت فيها قطرات الماء، في معرض باريس عام ١٩٧٢.
© محتف كيم تشانغ-يول للفنون، جيجو


اللوحات التي رسمها الفنان كيم في الستينيات من القرن الماضي مظلمة ولزجة، ويمكن تصنيفها ضمن الفن غير المنظّم الذي يحاول التعبير عن الوجودية التي ظهرت بعد الحرب العالمية بالتركيز على المشاعر وليس الشكل. تحولت كتلة الطلاء التي تشبه الكتلة الموجودة في القلب تدريجيا إلى سائل لزج يخرج من حفرة. يبدو هذا السائل كأنه دموع من دم أراقها بصمت أولئك الذين يعانون من ندوب الحرب. حصل الفنان كيم على دعوات لإقامة معارضه خارج كوريا، وانتقل إلى مدينة نيويورك ثم ذهب إلى مدينة باريس عام ١٩٦٩ واستقر فيها، إلا أنه كان يعاني من الفقر في ذلك الوقت، حيث كان يرسم في ركن من أركان أحد الإسطبلات، وأعاد استخدام اللوحات القماشية بعد إزالة الطلاء عن طريق رش الماء عليها. في صباح أحد تلك الأيام، جذبت الصدفة نظره إلى قطرات متكوّرة من الماء كانت تتدلى من القماش.

تبدو قطرات الماء التي رسمها كيم على لوحات من قماش القنب الخشن كأنها قطرات ماء حقيقية يمكن أن تسقط إذا اهتزت اللوحة. ذلك نوع من الخداع البصري الذي يصنعه تباين اللونين الأبيض والأصفر والانسجام بين الفراغ والظلال. تُعد قطرات الماء اللامعة التي تبدو كأنها كرة ممتلئة فارغة، نوعا من المفارقات تعبر عن التوتر بين قوة الشد وقوة الجاذبية. قد تبدو لوحات الفنان بسيطة إلا أنها معقدة في آن واحد. ولهذا السبب، كان الفنان يحظى بتقدير عالٍ من النقاد والجمهور.

يتخذ مبنى المتحف شكل الحرف الصيني “回” حيث يضم المربع الكبير مربعا صغيرا. منذ سن الستين، ركز الفنان جهوده على سلسلة لوحات “التكرار” حيث رسم قطرات الماء على الحروف الصينية الأساسية الألف للتعبير عن رغبته في العودة إلى أصله، وإلى الوقت الذي أمسك فيه بفرشاة الرسم لأول مرة في حياته. عندما اُفتتح المتحف في سبتمبر عام ٢٠١٦، قال كيم “وُلدتُ في قرية مينغ سان حيث تعيش النمور. نجوت من خطر الموت ثم وصلت إلى أرض جزيرة جيجو أخيرا. آمل بأن أمضي بقية حياتي هنا إذا لم يأكلني سمك القرش”. بعد وفاته، دُفن الفنان تحت شجرة بجوار المتحف وفقا لوصيته. لم يستطع أن يعود إلى مسقط رأسه في كوريا الشمالية إلا أنه غط في نوم أبدي في موطنه الثاني. نعم، لقد غيّب القبر جسد الفنان كيم، غير أن المتحف الذي يحمل اسمه منحه الخلود، وما زالت أعماله الفنية باقية تعرض في المتحف.

 

اُفتتح متحف كيم تشانغ-يول في جزيرة جيجو عام ٢٠١٦ تكريما للفنان كيم تشانغ-يول الذي يُعد من أشهر الفنانين الكوريين المعاصرين. صُمم المتحف استلهاما من لوحاته المشهورة من سلسلة "قطرات الماء" التي يحقق فيها الضوء والظل تناغما جميلا. هذا المتحف يقيم معارض فنية مختلفة ويدير برامج تعليمية لسكان الجزيرة.
© محتف كيم تشانغ-يول للفنون، جيجو

«التكرار»، ٢٠١٢م، لون أكريليك على قماش من القنب، قياس ١٩٥ x ٣٠٠ سم.ركز الفنان جهوده على رسم سلسلة لوحات "التكرار" حيث رسم قطرات الماء على ألف مقطع صوتي صيني أساسي. وتشير هذه اللوحات إلى الفلسفة الشرقية ومفاهيمها.
© كيم سي - مونغ

جو سانغ-إين صحفية في جريدة سيول الاقتصادية اليومية

전체메뉴

전체메뉴 닫기