메인메뉴 바로가기본문으로 바로가기

null > 상세화면

2023 AUTUMN

كيلا تكون هناك “سوهي التالية”

إن الفيلم “سوهي التالية” (٢٠٢٢) هو أول فيلم كوري يُعرض في اختتام مهرجان كان السينمائي ويسلط الضوء على الآلام النفسية والعاطفية التي تنشأ في ظروف العمل التي تستغل الشباب، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الانتحار بينهم. ومما يُحسب لهذا الفيلم أنه بعد أقل من عام على إصداره، تم تعديل القانون الكوري لحماية العمال الشباب بشكل أفضل.

1ENT-1.png

يتحدث فيلم “سوهي التالية” عن طالبة مدرسة ثانوية تعمل في مركز اتصال ومحققة شرطة تبحث في أسباب انتحارها.
© شركة توين بلوس بارتنيرز

مع ظهور شارة النهاية لفيلم “سوهي التالية” وهو الفيلم الختامي الرسمي لمهرجان كان السينمائي الخامس والسبعين في عام ٢٠٢٢، وكانت دموع المشاهدين تختلط مع تصفيقهم الحار لمدة تزيد على سبع دقائق. كانت ردة فعل الجمهور أكثر قوة من ردة فعلهم على “قرار الرحيل” (٢٠٢٢) و”سمسار” (٢٠٢٢)، وهما الفيلمان الكوريان اللذان تمت دعوتهما إلى المنافسة في المهرجان. عندما كان يخرج المعجبون من دار السينما، كانوا يصفقون بشكل عفوي أمام كاميرات الصحافة الكورية ويهتفون “برافو” رافعين إبهام أصابعهم في إشارة على الإعجاب. وعلى الرغم من أن التصفيق الحار عنصر أساسي في مهرجانات الأفلام، فإن هذا التقدير الحماسي خارج المسرح يؤكد مدى ما حظي به الفيلم من إعجاب بين الجمهور.

إيمانويل الصحفي الفرنسي كان بالكاد يستطيع الكلام وهو يُجهش بالبكاء، قال “إنه أمر مؤلم حقا. الفيلم جيد جدا”. وقالت “إلي” من بلجيكا إننا نتواصل بعضنا مع بعض من خلال أفلام مثل هذه.


الحياة الحقيقية

“سوهي التالية” يوثق قصة حقيقية لطالبة كورية عملت موظفة علاقات عملاء في مركز الاتصال، ويلتقط الجوانب المظلمة في المجتمع الكوري المعاصر على نطاق واسع. ويثير الفيلم تعاطف المشاهدين العميق وقد أكد هذا الفيلم الحاجة التي طال انتظارها في كوريا لتوسيع لوائح حماية العمال بالإضافة إلى التأمل في التوقعات والضغوط الاجتماعية.

في كوريا الجنوبية، هناك نوعان من المدارس الثانوية: المدارس التي تعد الطلاب الذين سيلتحقون بالجامعات، والمدارس المهنية التي تعد الطلاب للعمل بعد التخرج. يمكن للطلاب في النوع الثاني من المدارس؛ أي المدارس المهنية أن يأخذوا حصصا دراسية تتضمن فترة تدريب في إحدى الشركات. بالنسبة للمدارس المهنية فإن إرسال العديد من الطلاب إلى الشركات يؤدي إلى تحسين سجلها التوظيفي، بينما يكون الطلاب المهنيون الذين يتدربون في الشركات وسيلة لاكتساب الاعتراف بها والحصول على الإعانات الحكومية

لكن مع الأسف، يواجه بعض الطلاب المهنيين ظروفا صعبة؛ إذ يصبحون مرهقين ومستنزفين عاطفيا، ففي يناير ٢٠١٧، عُثر على طالبة في السنة الأخيرة في مدرسة مهنية ميتة في خزان مائي بارد في جونجو. كانت الطالبة متدربة في مركز اتصالات متعاقد من الباطن مع شركة كبيرة، وظيفتها - منع العملاء غير الراضين إلغاء اشتراكاتهم في خدمة الإنترنت – أدت إلى تقديم شكاوى بحقها وتعرضها إلى الإساءات اللفظية حتى في وقت متأخر من الليل. بالإضافة إلى ذلك، كان راتبها أقل من الراتب الذي وُعدت به بحجة أنها ليست موظفة منتظمة.

كانت الكلمات التي تركتها وراءها لصديقتها قبل أن تغرق في مياه الخزان قاسية “لا أستطيع التحمل بعد الآن”. لقد تم بث برنامج تلفزي وثائقي عن الحادث وشاهدته المخرجة السينمائية جونغ جولي. قررت جونغ جولي عرض قصة الطالبة على الشاشة لأنها أصبحت على علم بالعديد من الحالات المماثلة.

كان لـ”سوهي التالية” صدى في كوريا، حيث غالبا ما يتم تهميش العمال الذين ليس لديهم عمل منتظم. في مارس من هذا العام، أي بعد ١٠ أشهر فقط من عرض الفيلم في مهرجان كان السينمائي ٢٠٢٢ وبعد أسابيع من عرضه في كوريا، أقر المجلس الوطني “قانون منع سوهي التالية” المعروف أيضا باسم “التعديل الجزئي لقانون تعزيز التعليم والتدريب المهني”. وقد وسع التعديل معايير العمل لتشمل المتدربين أثناء العمل وأدخل غرامات باهظة وعقوبات بالسجن لممارسات العمل الجبري والاعتداء والتحرش في مكان العمل.


 

تصوير واقعي

2PHJ05357.jpg

أُعلن رسميا أن سوهي ستشارك في جزء من برنامج التدريب الداخلي وكانت مضطرة لتحمل العملاء السيئين والتعامل معهم بلطف كل يوم للحصول على النجاح.
© شركة توين بلوس بارتنيرز

3HJP01014.jpg

إن متعة الحصول على وظيفة مكتبية قصيرة العمر. فقد أصبحت الفتاة المقبلة على الحياة التي تحب الرقص مستهلكة عاطفيا.
© شركة توين بلوس بارتنيرز

يسجل الجزء الأول من “سوهي التالية” العناصر الحقيقية للطالبة التي انتحرت. يتساءل الجزء الثاني عما إذا كان مصير سوهي سيتغير لو وقف شخص على الأقل معها.

الجزء الأول ليس مجرد قصة عن استغلال الشركة لعمالها، فهذه المشاكل المتعددة الأوجه والحلول هي الأكثر صعوبة. عندما كان أداء سوهي التي تمثل دورها كيم سي-يون أعلى من أداء الآخرين، رفعت الشركة أهدافها، مما أدى إلى زيادة التوتر بين زملائها. كانت تتجادل سوهي وصديقتها الأفضل حالا حول مَن هي التي في حالة يرثى لها وينتهي بهما الأمر بأن تجرح كل منهما مشاعر الأخرى وتؤذيها عاطفيا.

وهكذا، تكشف “سوهي التالية” التناقضات الهيكلية في مجتمع تنافسي، حيث يتصادم أصحاب العمل والموظفون، حتى يصل الأمر إلى صراع تصادمي بين أعضاء الحلقة الأضعف؛ العمال والموظفين، بجعلهم يتناطحون ويكافحون من أجل تجنب السقوط إلى الأسفل. في المجتمع الذي يرتفع فيه مستوى عدم المساواة كثيرا، يعاني أصحاب المتاجر الصغيرة من الديون ويتشاجرون حول الحد الأدنى للأجور مع عمالهم الذين يعملون بدوام جزئي وهم يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة، وينتهي التضامن بين العمال المسرحين بسبب إعادة الهيكلة وأولئك الذين لديهم وظائف آمنة. وينبع الاضطراب من مستويات الإدارة العليا، ولكن حتى المديرين المتوسطين لا يسلمون من ظروف العمل التي تخلو من الرحمة.

الجزء الثاني من الفيلم مليء بالمواجهات، إذ تشرع المحققة أوه يو-جين في مطاردة وحيدة، حيث تكتشف الحقيقة الكامنة وراء انتحار سوهي، ويظهر لها أنه كان هناك العديد من الفرص لمنع الموت لو تم اتخاذ الإجراءات المناسبة، لذلك تتعهد المحققة أوه بمنع سوهي أخرى. وفي كل مرة تسأل فيها عن المسؤول أو المسؤولين، تأتيها الإجابة المتكررة النمطية نفسها: “إذا لم نحقق نتائج، فسنموت أيضا”.

لا يمكن إلقاء اللوم في هذا الوضع على مؤسسة واحدة أو فرد واحد فقط، إن اللوم يقع على الشركة التي عملت فيها سوهي، وعلى الشركة الكبيرة التي تعاقدت من الباطن مع تلك الشركة لتشغيل مركز الاتصال، وعلى المدرسة التي قدمت سوهي للشركة لأنها، أي الشركة، كانت كبيرة، وعلى مكتب التعليم الذي يشرف على المدرسة الثانوية وعلى الكثير الكثير غير ذلك. إن حبكة الفيلم المتماسكة تلقي نظرة ثاقبة على ظروف العمل وتغوص عميقا وراء الأفعال غير المشروعة التي تحدث على نطاق أوسع بكثير مما هو مفترض.

لهذه الأسباب، كان على المحققة أوه أن تفرغ كل جهدها وموهبتها في إبراز التصميم على منع تكرار مثل هذه الأحداث وعجز الفرد في مواجهة نظام ضخم. لقد كان أداء الممثلة باي دو-نا التي مثلت دور المحققة أوه أكثر إقناعا ووجهها مليئا بالكرب باحثة عن آثار سوهي. تحدثت المخرجة جونغ جولي عن الفيلم في مهرجان كان السينمائي حيث قالت “قبل التصوير طلبت من باي دو-نا أن تجعل وجهها يبدو وكأنها لم تنم لعدة أيام، وفي اليوم التالي ظهرتْ بالفعل بهذا الوجه. لقد فوجئت فعلا عندما رأيتها”.

 

الحلم الضائع

4PHJ00686.jpg

تتنقل المحققة أوه يو-جين بين مركز الشرطة ومكتب التعليم والشركة ومدرسة سوهي. كلما اكتشفت المزيد من الأدلة أصبحت أكثر اضطرابا.
© شركة توين بلوس بارتنيرز

ثمة مشهدان من أكثر مشاهد الفيلم إثارة للحزن وإيلاما للقلب، كان الأول عندما سألت المحققة أوه والدي سوهي “هل تعلمان أنها كانت تحب الرقص؟ كانت جيدة بشكل لا يصدق”. عند سماع ذلك، أجهش والداها بالبكاء. والآخر، كان في نهاية الفيلم عندما شاهدت المحققة أوه مقطع فيديو على هاتف سوهي. إنه الفيديو الوحيد المتبقى بعد أن حذفت جميع الرسائل والتطبيقات قبل الانتحار. في الفيديو، ظهرت سوهي وهي ترقص بحماس وتبتسم في النهاية. في هذا المشهد، انهمرت الدموع من عيني المحققة.

يبدو أن هناك دافعا واضحا لإظهار رقص سوهي مرتين بطريقة حزينة. في هذا الصدد، يقدم الفيلم الضغط الأكاديمي بوصفه مصدرا آخر للضغط الشديد الذي يعاني منه الشباب. ويطرح سؤالا عما إذا كان المجتمع الكوري يدرك في الحقيقة المواهب والقدرات والتفضيلات والصفات والأذواق والهوايات والفردية والخصائص وإمكانات الجيل الجديد. وأيضا هل يعرف ما إذا كان أصل مآسي الشباب ينجم عن نقص الفهم والدعم من الجيل الأكبر سنا.

إذا كان المجتمع الكوري يتوقع من الطلاب التخلي عن أحلامهم ومتابعة التخصصات ذات الإمكانات الوظيفية العالية فقط، أو إذا أُجبر الشباب على البحث عن وظائف بناء على استقرارها فقط خوفا من سقوطهم إلى الهاوية إن لم يفعلوا ذلك، أو إذا كان المتخصصون في العلوم الإنسانية يقللون من شأنها - فهل ستكون “سوهي التالية” من مدرسة ثانوية لإعداد اختبار القبول في الجامعات؟

هل تخلق كوريا عالما يستطيع فيه الجيل الجديد تعزيز أحلامهم؟ ربما كان السبب وراء تأثر جمهور مهرجان كان السينمائي من مختلف دول العالم بـ”سوهي التالية” هو تذكيرهم بهذه الأسئلة في بلدانهم.


5D_S01051.jpg

في البحث عن أسباب انتحار سوهي، وصلت المحققة أوه يو- جين وزملاؤها من ضباط الشرطة إلى أن الكبار هم من أهملوها ودمروا إرادتها وقتلوا فيها الرغبة في العيش .
© شركة توين بلوس بارتنيرز



سونغ هيونغ-غوك ناقد سينمائي

전체메뉴

전체메뉴 닫기