يتم تحضير البيندايطوك عن طريق قلي خليط كثيف يتكون من مسحوق بقلة الماش واللحوم والخضراوات المتنوعة حتى يتحول لون الخليط إلى اللون البني الذهبي الجذاب، وهو طبق كوري تقليدي يتميز بقوامه المقرمش من الخارج وطراوته من الداخل.
يتم إعداد "البيندايطوك" باستخدام طحين بقلة الماش بدلا من طحين القمح خلافا لـمعظم أطباق البوتشيمغاي الأخرى، وهو التعريف الدقيق لمصطلح " غيوت-با-سوك-تشوك" وهو مصطلح كوري يُستخدم لوصف الأطعمة المقرمشة من الخارج والطرية من الداخل والمفعمة بالطعم اللذيذ.
يستخدم الكوريون مصطلح "غوت-با-سوك-تشوك" وهو لفظ منحوت يدل على "مقرمش من الخارج وطري من الداخل" من أجل وصف العديد من الأطعمة المقلية التي تتميز بهذا التباين اللذيذ في المظهر. وأحد الأطباق التي تناسب هذا الوصف تماما هو بندايطوك.
الطعم المقرمش اللذيذ الرائع
يندرج البيندايطوك ضمن فئة بوتشيمغاي أو عجة وهو مصطلح يشير إلى أطباق شبيهة بالفطائر المصنوعة باستخدام خليط المسحوقات أو البيض بعد أن تُضافَ إليه مكونات مثل الخضراوات واللحوم والأسماك وتُقلى في الزيت. تُعتبر هذه الأطباق عنصرا أساسيا في الأعياد الكورية التقليدية والتجمعات الاحتفالية الأخرى.
نقطة أخرى تميز البيندايطوك عن بقية الأنواع من بوتشيمغاي هي استخدام حبوب بقلة الماش المطحونة بالحجر بدلا من دقيق القمح. ولتحضير هذا الطبق، يتم أولا خلط حبوب بقلة الماش المطحونة مع مكونات من مثل الخضراوات واللحوم لعمل الخليط الذي يُسكب في مقلاة مزيتة جيدا على شكل فطيرة سميكة ثمّ يُقلى. يكون البيندايطوك المطبوخ بالحرارة العالية مقرمشا مميزا بفضل القوام الصلب لبقلة الماش، مما يؤدي إلى اتساق أكثر صلابة وكثافة على عكس أطباق بوتشيمغاي المستخدِمة القمح والتي تميل إلى أن تكون أطرى وأرقّ. يتمتع البيندايطوك بطعم جوزي غني يملأ الفم، بالإضافة إلى رائحة مميزة تتناسب تماما مع المكونات الأخرى للطبق. والنتيجة هي طعم لذيذ فريد بشكل استثنائي.
تقليديا، تشمل المكونات المستخدمة في عمل البيندايطوك السرخس وبراعم بقلة الماش والبصل الأخضر وكيمتشي والفلفل الحار على الرغم من أن هذه قد تختلف من أسرة إلى أخرى. كانت الأسر الأكثر ثراء تستخدم مجموعة واسعة من المكونات بما في ذلك الكيمتشي ولحم الخنزير المفروم وأنواعاً مختلفة من الخضراوات، في حين كان على أولئك الأقل ثراء الاستغناء عن هذه المكونات الإضافية بغض النظر عن كيفية تحضيره، فقد كان البيندايطوك بمثابة وجبة غير مكلفة ومريحة خلال الأوقات الصعبة اقتصاديا.
أصل البيندايطوك
يُضاف اللحم والخضراوات إلى عجينة بقلة الماش ويُقلى بالزيت على صينية ساخنة - مسخنة مسبقا إلى أعلى من ٣٠٠ درجة - حتى يصبح الخليط مقرمشا جدا ولذيذا بالطعم الجوزي.
© شترستوك
هناك العديد من الآراء المتعلقة بأصل البيندايطوك. يقول بعضهم إن بداياته يمكن إرجاعها إلى طقوس الأجداد عندما كان الطبق أصغر حجما ويُستخدم كقاعدة يتم تكديس شرائح اللحم المقلية عليها. ويُقال إنه مع مرور الوقت، أصبح هذا الطبق شائعا بين الفقراء لذلك يتم تقديمه عالي الدسم واكتسب اسم بينجاطوك أو حرفيا "كعكة الفقراء". ووفقا لرأي آخر، فإن اسم الطبق قد يجد جذوره في كلمة بينداي والتي تعني "استضافة الضيوف"، مما يعني ضمنا أنه ربما كان طعاما لقِرى الضيف. هناك سجلات تشير إلى أنه خلال عصر مملكة جوسون، في سنوات ضَعف الحصاد، كانت الأسر ذات النفوذ في عمل خيري تقوم بإعداد البينجاطوك لتقديمه للمتجولين المتجمعين خارج سونغنيمون إحدى البوابات الأربع الرئيسية على طول جدار قلعة سيول.
أحد الأمور التاريخية المؤكدة هو أن البيندايطوك كان يتم الاستمتاع به منذ فترة طويلة في محافظتي بيونغ آن وهوانغهاي الواقعتين في كوريا الشمالية الحالية. في الواقع، تم جلب هذا الطبق لأول مرة إلى كوريا الجنوبية من قبل اللاجئين الفارين من الشمال أثناء الحرب الكورية. تم تدمير العديد من المؤسسات العامة والمنازل أثناء الاحتلال الياباني والحرب الكورية، مما أدى إلى نزوح وهجرة ملايين الأشخاص. جاء الكثير منهم ليستقروا في المنازل والمتاجر المدمرة حيث بدأوا في بيع أطباق مثل الغوكباب وهو حساء ساخن يقدم مع الأرز، وبوتشيمغاي بالإضافة إلى الماكغيولي وهو نبيذ أرز مخمر. بمرور الوقت، أصبح البيندايطوك طعاما مريحا لأولئك الذين أصبحوا بلا مأوى وانفصلوا عن عائلاتهم، مما يساعد في تخفيف حزنهم وملء بطونهم. كما أعرب أشخاص آخرون عن تقديرهم له باعتباره خيارا رخيصا ومشبعا من الوجبات.
طبق يحبه الجميع
يعد كل من سوق غوانغجانغ وشارع أولجيرو في سيول موطنا لعدد من مطاعم البيندايطوك التي تقدم هذا الطبق لأكثر من أربعة عقود.
© منظمة السياحة الكورية
الطريقة الصحيحة لعمل البيندايطوك تتطلب استخدام دهن الخنزير أو شحم الخنزير. إن استخدام دهن الخنزير بدلا من الزيت النباتي أو زيت السمسم يمنح للبيندايطوك طعما جوزيا ولذيذا لا يُضاهى. من أجل الحصول على القوام والطعم المثالي - المقرمش من الخارج والطري من الداخل والمفعم بالطعم اللذيذ - يتم قلي خليط بقلة الماش الذي يحتوي على لحم الخنزير والخضراوات في مقلاة ساخنة ومسخنة مسبقا إلى درجة حرارة تزيد عن ٣٠٠ درجة مئوية ومغلفة بدهن الخنزير بسخاء.
يعد سوق غوانغجانغ وشارع أولجيرو، اللذان يقعان في قلب مدينة سيول، موطناً للعديد من المطاعم المتخصصة في البيندايطوك والتي تعمل منذ ٤٠-٥٠ عاما. أحد المطاعم هو باكغاني يندايطيوك أو فطائر بقلة الماش عائلة بارك"، والذي ظل يعمل منذ ثلاثة أجيال مستمراً في إعداد البيندايطوك بالطريقة التقليدية. ظل المطعم المفضل لدى الجماهير بفضل قائمة الطعام الفريدة التي تجمع البيندايطوك مع "بيونيوك" وهو طبق من اللحم المسلوق المقطع إلى شرائح رقيقة يُقدَّم بارداً، و"أوريغولجوت" أو المحار المتبل المخلل الحار. يكمل "بيونيوك" المضغ و"أوريغولجوت" المتبل طعم البيندايطوك اللذيذ وقوامه الناعم بشكل مثالي.
يستمر العديد من مطاعم البيندايطوك القديمة الأخرى في الازدهار في سوق غوانغجانغ وفي أماكن أخرى من سيول، حيث يمكن سماع صوت أزيز البيندايطوك أثناء قليه على مقالي الشوايات الكبيرة الثقيلة طَوال اليوم. يتميز معظم هذه المطاعم القديمة بمطابخ مفتوحة تقدم للمارَّة مشهد عملية القلي من خلال النوافذ الكبيرة. غالبا ما ينجذب الزوار إلى الرائحة الشهية ومشهد موظفي المطعم وهم يقلون البيندايطوك بشكل محترف، وهو في حد ذاته نوع من الاستعراض.
الاختلافات لإرضاء كل الأذواق
البيندايطوك متعدد الأنواع ويمكن تحضيره باستخدام مجموعة واسعة من المكونات. نظرا لأنه طبق مقلي جيدا، يمكن للطهاة إضافة عدد لا يحصى من المكونات، بما في ذلك اللحوم أو الخضراوات أو حتى المأكولات البحرية. مع تاريخ يمتد لأكثر من ٤٠ عاما، يشتهر مطعم جاي بي دي جونغنو بيندايطوك (JBD) الفرنشايز بقائمة البيندايطوك الشاملة، والتي تشمل المتنوعات مع الكيمتشي والأخطبوط والمأكولات البحرية الأخرى. أحد الاختلافات اللذيذة بشكل خاص هو البيندايطوك المغطى بالمحار الكثير والمقلي ليكون مقرمشا جيدا. يبرز هذا الطبق بفضل طعم المحار المميز الذي يكمل طعم بقلة الماش القوي بشكل رائع، مما يجعله خيارا شائعا بين عشاق الطعام.
وأيضا ينسجم البيندايطوك مع الماكغيولي بشكل رائع، لذلك يزداد عدد المطاعم المتخصصة في هذا المزيج بشكل كبير. وبينما يمتاز بعض مطاعم البيندايطوك بتصميمات داخلية حديثة وألواح أنيقة، فإن بعضها الآخر يسعى إلى ديكور أكثر تقليدية وأجواء حنينة. في هذه الأيام، أصبحت المطاعم التي تقدم البيندايطوك المتنوعة والخاصة بها إلى جانب مجموعة واسعة من المشروبات الكحولية الكورية التقليدية تحظى بشعبية متزايدة.
مفيد للجسم والروح
من أصوله المتواضعة بصفته طعاما مريحاً للاجئين إلى الشعبية الحالية لأنواعه العديدة، ما يزال البيندايطوك يحتل مكانة خاصة في قلوب فئات كثيرة من الشعب الكوري. يثير هذا الطبق المقرمش شعورا بالحنين إلى الماضي حيث اكتسب سمعة باعتباره واحدا من أكثر الأطعمة المحبوبة في البلاد سواء أكان مقترنا بالكحول أو تم الاستمتاع به ببساطة كوجبة خفيفة بين الوجبات.
في الآونة الأخيرة، بدأ البيندايطوك أيضا في جذب الانتباه لفوائده الصحية "المزعومة". ويدعي البعض أن المكون الرئيس له أي بقلة الماش لا يتمتع بخصائص إزالة السموم فحسب، بل هو فعال أيضا في علاج مجموعة من مشاكل الجلد وكذلك في تحسين وظائف الكلى. ونتيجة لذلك، يتم إطلاق مجموعات متنوعة من منتجات البيندايطوك شبه الجاهزة والجاهزة للطهي من قبل عدد متزايد من الشركات. لا تتطلب هذه المنتجات المجمدة إذابة مسبقة، ويمكن قليها بسهولة باستخدام مقلاة مزيتة جيدا في المنزل. بالإضافة إلى أسعارها المعقولة، توفر هذه المنتجات جودة تقارن بشكل إيجابي مع منتجات البيندايطوك المقدَمة في المطاعم، وهو عامل ساهم في ارتفاع شعبيتها المطردة.
هوانغ هاي-وون رئيسة التحرير، إدارة خدمات الأغذية
لي مين-هي مصورة فوتوغرافية