메인메뉴 바로가기본문으로 바로가기

2022 WINTER

إلى جميع الشعلات الحية في هذه الأيام

إن فيلم "جون تاي-إل: شعلة حية" الحائز على العديد من الجوائز هو فيلم رسوم متحركة عن سيرة ذاتية لناشط عمره ٢٢ عاما ضحى بحياته وهو يناضل من أجل حقوق العمال. قضايا العمل والعمال، بشكل خاص، أصبحت اليوم أقل أهمية ممّا كانت عليه في زمن هذا المناضل العمالي، ولكن تصوير الفيلم أثار الاهتمام بموضوع عدم المساواة وبقضايا التمييز بمختلف أشكاله.

فيلم الرسوم المتحركة "جون تاي-إل: شعلة حية" (٢٨٥) يحكي قصة واقعية عن شاب يعمل في مصنع يستغل العمال ضحى بنفسه لتحسين ظروف العمل وضمان حقوق العمال.
© ميونغ فيلمز



من أجل الهروب من الفقر، سعت كوريا لتحقيق النمو الاقتصادي من خلال استغلال العمال في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. كانت المصانع المستغِلّة للعمال منتشرة على نطاق واسع، وعلى الرغم من تشريع قانون معايير العمل فإن تطبيق لوائح العمل بقي في المقعد الخلفي ولم يحظ بأولوية في النمو الاقتصادي.
هذا الفيلم الذي حصد ثلاث جوائز، هي جائزة "التميز لأعضاء التحكيم" في مهرجان آنسي الدولي لأفلام الرسوم المتحركة في دورته السادسة والأربعين عام ٢٠٢٢، وجائزة الجمهور "الجائزة البرونزية" لأفضل فيلم رسوم متحركة في مهرجان فانتازيا الدولي في دورته السادسة والعشرين، والجائزة الكبرى في مهرجان كوريا لأفلام الرسوم المتحركة المستقلة الثامن عشر، أثار اهتماما شديدا في عالم السينما وبين النقاد السينمائيين من خلال تصويره سيرة حياة شاب ناضل من أجل الحركة العمالية الكورية في كوريا، وقضى نحبه شهيدا في سبيل ذلك.

 

لا يركز الفيلم فقط على إرث جون تاي-إل كمناضل ضد ظروف العمل غير الإنسانية والأجور الهزيلة في المصانع المستغلة للعمال فقط، بل يسلط الضوء كذلك على طفولته وآماله وأحلامه بالحب الأول.
© ميونغ فيلمز

استغلال العمال
في أواخر الستينيات، تجمعت مصانع الملابس في سوق بيونغهوا في منطقة تشونغ غي تشون في سيول. كان معظم عمالها فتيات مراهقات يعملن من ١٤ إلى ١٥ ساعة في اليوم ينكبَبْنَ فيها على آلات الخياطة في أماكن عمل ضيقة وسيئة التهوية. وقد وصل استغلال العمال في هذه المصانع ذروته إلى حد منعهم أحيانا من الذهاب إلى دورات المياه لقضاء حوائجهم.
وغالبا ما كان العمال يعانون من أمراض مختلفة، أبرزها أمراض الرئة الناجمة عن جزيئات الغبار الناتجة عن معالجة النسيج، وكان العامل يطُرد على الفور إذا ما تجرّأ وطلب إجازة مرضية. وأولئك الذين يبقون على رأس عملهم لم يكن طموحهم يزيد على الحصول على أجر يؤمن لهم بالكاد الطعام اليومي فقط.
وُلد جون تاي-إيل لأسرة فقيرة في مدينة دايغو، واضطر إلى ترك الدراسة مبكرا للمساعدة في إعالة أسرته. وما لبث أن غادر إلى سيول وأصبح خياطا مساعدا باستخدام مهارات الخياطة التي تعلمها في المنزل. دأب جون على الاعتناء بالخياطات الصغيرات كما لو كنّ أخواته من خلال شراء الخبز لهن بسعر رخيص. ولما كان الخوف يعتري العمال بسبب ظروف عملهم السيئة وانعدام الأمن الوظيفي، كان جون يتحدث مع زملائه في العمل ويتناقش معهم بغية تشكيل مجموعات عمالية. وكان يعرّفهم بحقوقهم ويحضهم باستمرار على مطالبة المسؤولين المعنيين الالتزام باللوائح الخاصة بظروف العمل.
في تلك الآونة نظم العمال احتجاجات متكررة، لكن الشرطة في كل مرة كانت تتدخل وتفض هذه الاحتجاجات وتمنع الإضرابات العمالية. بعد ذلك، في ١٣ نوفمبر ١٩٧٠ عندما تدخلت الشرطة وفرّقت احتجاجا للعمال أمام سوق بيونغهوا، رفع جون نسخة من قانون معايير العمل وأخذ يصرخ بأعلى صوته "التزموا بقانون معايير العمل. نحن لسنا آلات". ثم أشعل النار بنفسه. فجرى على الفور نقله إلى المستشفى لكنه ما لبث أن فارق الحياة متأثرا بحروقه البليغة. وقبل رحيله قال: "لا تدعوا موتي يذهب عبثا".

خلفية درامية مدروسة
ابتعد مخرج الفيلم هونغ جون-بيو عمداً عن صورة الشهيد الأيقونية لـ"جون تاي-إل". فلم يستخدم في لفظ "جون" التهجئة العادية لاسم عائلة الناشط ولم يصوره كبطل أحادي البعد.
تصور الرسوم المتحركة جون شابا، يصف بدقة مشاعر الحب التي كان يشعر بها في عام ١٩٦٧ كما وردت في مذكراته التي كتبها بخط يده، والتي تم الاحتفاظ بمعظمها حتى يومنا هذا. لقد وقع جون في حب أخت زوجة صاحب العمل، كان يحبها لكنه كان حبا غير متبادل، أي كان حبا من طرف واحد، وأدرك جون أن حياته قد تصبح أكثر بؤسا في مصنع الخياطة الهرمي إذا كرهه صاحب العمل، لذلك سرعان ما تخلّى عن حبه الأحادي الاتجاه. لقد عكس قراره هذا وعيه بالحقائق القاسية التي واجهها. إنها لحظة محورية؛ لحظة أصبح فيها مفهوم الطبقة الاجتماعية أكثر رسوخا. ببساطة لم يكن جون يتبع الأمور الشخصية، وبذل الفيلم قصارى جهده لالتقاط هذه النقطة.
لقد أولى الفيلم عناية خاصة لأفكار جون، فتتبع تعمق وعيه بالانقسام الاجتماعي الطبقي. فنجد أحد مشاهد الفيلم يُظهر أن جون يقيم في منزل صاحب العمل ويذكر اختلاف رائحة الصابون عن رائحته في منزله. ويُعد تصوير الفئات المنقسمة والمتمايزة على أساس الرائحة فكرة مهمة تظهر أيضا في فيلم "طفيلي" للمخرج بونغ جون-هو الذي نال استحسانا كبيرا. يمكن لجمهور اليوم الذين يعيشون في مجتمعات تعاني من عدم المساواة المفرطة أن يتعاطف بعضهم مع بعض.

لا يختلف عن الحاضر
لا يترك فيلم "جون تاي-إل: شعلة حية" حدثا مضت عليه عقود من الزمان، قابعا بمفرده في زمنه الماضي، بل يستخرج أمورا ملاءمة من عالم اليوم ويسبغها عليه. فقد تمت إعادة فحص النزاع على توزيع الأجور والهيكل الاستغلالي اللذين كانا موجودين في منطقة مصانع الملابس في سيول في الستينيات من خلال التركيز على التوتر بين العمال بدلا من صراعات العمل في مقابل الإدارة.
عززت الإدارة هذه الديناميكية من خلال تسلسل هرمي صارم؛ من أعلى إلى أسفل، كان التسلسل الهرمي خياطا ومساعدي خياط وخياطات ومساعدات خياطات. وكان واحد من العمال يشرف على كل مجموعة فرعية، ولم يكن هناك مشرفون من الرتب الإدارية، أي أن المشرفين كلهم كانوا من العمال. فلم يكن صاحب العمل هو من يقوم بفصل العمال، كانت هذه منوطة بالخياط. ومن الممارسات الشائعة الأخرى أن يتخذ الخياط القرارات بشأن الرواتب، وبالتالي لم تكن هناك خلافات مباشرة بين صاحب العمل والعمال ولا حتى احتكاكات مباشرة.
واليوم، يتم التعامل مع قرارات العمل بذات الطريقة وذات الآلية، حيث يتجنب الشخص الذي يتمتع بالمسؤولية والسلطة المطلقة الصراع من خلال جعل الإدارة الوسطى مسؤولة بديلة، في محاولة لإخفاء المشاكل في أماكن العمل. فعلى سبيل المثال، من خلال تأطير مطالب الحد الأدنى للأجور كقضية بين أصحاب الامتياز والعمال بدوام جزئي يمكن لرؤساء الشركات الكبيرة البقاء خارج النقاش وعدم معالجة جوهر المشكلة وبالتالي البقاء خارج المسؤولية.
على الرغم من أن أحداث "جون تاي-إل: شعلة حية" تدور في حقبة زمنية مختلفة، فإن جمهور اليوم يمكن أن يرتبط بالفئات الأكثر ضعفا ويتعاطف معها. في كوريا، هناك شرائح كثيرة جدا من المقاولين، وتنتج كتلة النظام الاقتصادي فئات من العمال الذين لا يحميهم عقد العمل.
وهذه المشكلة لا تقتصر على كوريا وحدها، بل هي مشكلة عالمية تحدثت عنها وعالجتها دراميا أفلام عديدة، ففيلم "يومان وليلة واحدة من إخراج الأخوين داردين البلجيكيين، وفيلم" آسف لقد افتقدناك من إخراج كين لوتش، وفيلم "كل الوقت" للمخرج إريك غرافيل، وهي من أكثر الأفلام التي حظيت بجماهيرية عالية هذا العام، كلها تظهر ما تحولت إليه مجتمعاتنا، وتظهر أنواعا جديدة من التوظيف في الرأسمالية العالمية أو الصراعات بين العمال بطريقة غير مسبوقة، مما يسمح للاعبين الأقوياء بالتهرب من المسؤولية ويجعل الضعفاء أكثر ضعفا وتخلفا.
إن فيلم "جون تاي-إل: شعلة حية" ومعه الأفلام الرائعة الأخرى يقدم لنا تحديات العمل المعقدة التي نواجهها اليوم بطريقة مباشرة باستخدام قصة يعود تاريخها إلى أكثر من ٥٠ عاما.
يصل الفيلم إلى نهايته، عندما يضحي جون تاي-إل بنفسه، فيتوقف الفيلم عن عرض المشهد، ويحول المخرج الكاميرا إلى المشاهدين والمارة، فيسلطها على نظرات زملائه المليئة بالدهشة والحزن والألم.
تعابير وجوههم هي تعبيراتنا نحن، هي تعبيراتنا الخاصة، وتملؤنا الأسئلة التالية: من خلق الصراع الاجتماعي الذي تشهده الآن؟ من أين أتت المحنة الاجتماعية التي تراها الآن؟ ما الكوارث التي تواجهك الآن وما الإجراءات التي تتخذها؟ ويأتينا الجواب من فيلم "جون تاي-إل: شعلة حية": للعثور على إجابات لهذه الأسئلة، نحتاج أولا إلى إلقاء نظرة فاحصة على أنفسنا.

 

سونغ هيونغ-غوكناقد سينمائي

전체메뉴

전체메뉴 닫기