메인메뉴 바로가기본문으로 바로가기

Guardians of Heritage > 상세화면

2019 SPRING

40 عاما على الحبل المشدود

إن غون وون-تاي الذي يُمسك بالمروحة القابلة للطي كحافظ وحيد للتوازن، يقفز ويركض ويتحدث على حبل رقيق من النايلون يبلغ سمكه ثلاثة سنتيمترات، ويمتّع المشاهدين بحركاته البهلوانية ونكاته. ويؤكد غون أن المشي على الحبل المشدود على الطراز الكوري التقليدي ليس مجرد ألعاب سيرك، بل إنه فن الأداء المتفاعل مع جمهور المشاهدين.

خالل العرض الليلي في قصر دوكسو في سيول في أواخر شهر سبتمبر الماضي، عرض الخبير في المشي على الحبل المشدود " غون وون-تاي" تقنية " غوجونغ دولغي"، وهي تقنية القفز على الحبل وجعل الجسد يتقلب ٠٨١ درجة في الهواء والعودة إلى وضعية الجلوس على الحبل

كان من الصعب عليّ أن أقنع هذا الذي يمشي على الحبل المشدود صاحب الخبرة التي تمتد لأربعين سنة بالتحدث عن فنه. وطرحتُ الأسئلة عليه. لكن، كان يبدو أنه منزعج من بعض أسئلتي وتجنب الإجابة عنها برفع نبرة صوته في آخر كلامه. وأدركتُ أن الحديث مع هذا الرجل الشديد الحساسية صعب جدا، شأنه في ذلك شأن محاولة الحفاظ على التوازن على حبل مشدود.

قال غون وون-تاي، «تخيلْ أنك تتسلق جبلا جليديا. يجب عليك أن تكون حذرا للغاية كي لا تنزلق وتسقط من المنحدر الزلق، أليس كذلك؟ ولهذا السبب، كان يُسمى المهرج الذي يمشي على الحبال باسم أوروم ساني الذي يعني متسلق الجبل الجليدي».

مثل تسلق جبل جليدي

على الرغم مما يدل عليه تسلق جبل جليدي من بطء وثقل في الحركة، فإن غون يتحرك بكل حرية على الحبل البالغ طوله ما بين ثمانية وتسعة أمتار، والمعلق على ارتفاع ثلاثة أمتار. هو يمشي أو يركض على الحبل، وأحيانا يجلس عليه مع المباعدة بين ساقيه، ثم يقفز صعودا ويجعل جسده ينقلب في الهواء قبل الجلوس على الحبل مرة أخرى. الحبل هو مسرح المهرج. وتُبهر حركاته على الحبل المشاهدين، بل إنها أحيانا تثير قلقهم لأنه لا يستخدم أي جهاز للحماية خلال أدائه.

أشار غون: «يستمر عرضي لمدة حوالي ثلاثين أو أربعين دقيقة في كل مرة، لأن المشي على الحبل المشدود على الطراز الكوري التقليدي غير مناسب لتقديم عرض طويل يدوم لأكثر من ساعة. وعلى لاعب السيرك الوحيد أن يتواصل مع المشاهدين؛ يمزح ويلقي النكات الخفيفة. ولذلك، أظن أن هذه المدة مناسبة».

كان المشي على الحبال، أو جول تاغي، جزءا من نامسا دانغ نوري، وهو عرض فولكلوري شعبي كانت تقدمه فرق الفنانين المتجولين من الذكور خلال عصر مملكة جوسون. ومع ذلك، في أيامنا الحالية، يُعرض المشي على الحبال بشكل منفصل في المهرجانات المحلية المتنوعة في أرجاء البلاد. ورغم أن عروض السيرك في الدول الأخرى تركز على إبراز المشهد المرئي للحركات البهلوانية على الحبال المعلقة على ارتفاع كبير، فإن مقدمي العروض لفرقة نامسا دانغ لعبوا دور المهرج، لأنهم يعرضون تقنياتهم؛ يتحدثون عن قصص مضحكة ونكات خفيفة. ويعود سبب هذا الفرق إلى أن النسخة الكورية من المشي على الحبال كانت من الألعاب الشعبية التي قدمت قسطا من الراحة والتسلية إلى عامة الشعب الذين كانوا يعانون من الحياة المرهقة، ولم يحظوا إلا بالقليل من الفرص للتمتع بالترفيه.

يقول غون: «أستخدم بشكل أساس التقنيات والنكات التي خلفها الأسلاف في الماضي. لكن، يختلف عرضي حسب المناطق والقضايا الساخنة الحالية ومستوى تفاعل المشاهدين. أما عدد التقنيات فإنه ليس مهما، لأنه يمكن أن أرتجل استخدام تقنية غير مخطط لها في مسرح العرض.»

المسرح

إن الحبل الرقيق المعلق في الهواء يمثل مسرحا وحيدا يقدم فيه غون عرضه، وتحديا وحيدا عليه أن يقهره. خطرت ببالي سلسلة من الأسئلة، أي نوع من الحبال يستخدمه؟ ما الفرق بين الحبل الذي يستخدمه والحبل الذي يُستخدم في عرض السيرك العادي؟ بِمَ شعر عندما قطع مسافة ٥٠ مترا مشيا على الحبل في ١٩.٣٣ ثانية، في المسابقة الدولية للمشي على الحبال المشدودة التي عُقدت في تامبا باي في فلوريدا عام ٢٠٠٤؟ وبِمَ شعر عندما عبر نهر هان مشيا على حبل يبلغ طوله كيلومترا خلال ١٧ دقيقة و٦ ثوان، في المسابقة العالمية لعبور نهر هان على الحبال المشدودة، التي شارك فيها الكثير من لاعبي السيرك المشهورين من جميع أنحاء العالم؟

أجاب غون: «في هذا النوع من المسابقات، تُستخدم الأسلاك المعدنية لأنها قوية وشديدة وثابتة. ويبلغ سمكها ثلاثة سنتمترات، وتصل قوة الشد فيها إلى ٣٥ طنا، وهذا يعني أن الحمولة القصوى التي يمكن أن تتحملها تبلغ ٣٥ طنا. ويستفيد المشاركون في المسابقات من هذه القوة. بينما الحبال التي تُستخدم في العرض الكوري مصنوعة من النايلون الناعم. وهي فريدة من نوعها حيث أنها مرنة ومتحركة. ولذلك، فإنه من الصعب أن يحافظ مقدمو العروض على توازنهم عليها. وفيما يتعلق بالفرق بين الأسلاك المعدنية وحبال النايلون، تخيلْ الفرق بين القفز على الأرض الصلبة وبين القفز على الرمال الناعمة التي تجعل قدميك تغوصان فيها.»

وأضاف أن حبال النايلون تختلف من حيث التوتر، وعلى لاعب السيرك أن يختار حبلا مناسبا، من حيث التوتر حسب خصائص عرضه. سألتُه عما إذا كان يستخدم أحيانا حبالا متنوعة تختلف في شدة التوتر، غَضّن غون جبينه وحك وجهه بسبابته، ثم قال: «الحبل شيء حساس، لأن حياة لاعب السيرك تعتمد عليه. لذلك، نحن حذرون جدا من تغيير نوعه.»

منذ سن التاسعة

يقول " غون"الذي يتمتع بخبرة أربعين سنة في المشي على الحبل المشدود، "العرض الكوري التقليدي على الحبل المشدود ليس مجرد عرض بهلواني، بل إنه فن األداء الذي يتسم بالتفاعل مع المشاهدين بقصص مضحكة ونكات خفيفة

شاهدتُ مقطع الفيديو لأدائه مرة أخرى. وفي هذه المرة، استطعت أن ألاحظ ليس حركات لاعب السيرك فقط، بل لاحظت الخطوط المنحنية التي شكلها الحبل المرتجف أيضا. وهذه هي حركات رجل متحرر من الأرض وحركات حبل يدعم وزنه. وأثناء المشي على الحبل، فتح المروحة اليدوية ورسم منحنيات صغيرة في الهواء. ربما ظن المشاهدون أن هذه المروحة تضيف أناقة إلى حركاته. لكنه يستخدمها للتحكم في مقاومة الهواء، مما ساعده في الحفاظ على التوازن. وعلى هذا الرجل الذي يتحرك بحرية في الهواء أن يتغلب على الرياح مع أداته الوحيدة وهي المروحة الصغيرة في يده.

«حرّكْ المروحة لتحريك الهواء ستشعر بثقلها. يمكن أن تستخدم ثقل المروحة للحفاظ على التوازن. لكن، هذا ليس كل شيء. إذا أمسكتَ المروحة بيدك وهبت رياح شديدة، فستلعب المروحة دور مظلة الهبوط. لكن، لا يمكن أن أقدم لك شرحا واضحا حول كيفية الحفاظ على التوازن بالكلمات.»

ما هو أصعب شيء يتعيّن عليه أن يتخطاه في المشي على الحبال؟ ما هي التحديات التي تحبط مساعي لاعبي السيرك؟ بعد سماع هذين السؤالين، مسح وجهه بيده مرة أخرى.

وقال: «إن التدرب على المشي على الحبل المشدود يشبه مرحلة نمو الإنسان. كلما نما جسمك ونضج عقلك تحسنت تقنياتك دون أن تعلم ذلك. وهذا يعني أنه لا يمكن أن تقول ببساطة إنك تجاوزت مستوى ما أو أتقنت تقنية ما. وكذلك، كلما قدمتَ عرضا أمام المشاهدين تطورت تقنياتك واقتربت من الكمال تدريجيا. وهكذا يسير الأمر.

كلما تبادلنا الأسئلة والأجوبة، اتضح لي أن عرضه على الحبل ليس مجرد عرض بهلواني جسدي، بل إنه يعكس حياته وما في داخله. كان والداه ضمن لاعبي السيرك المتجولين، وجعله هذا يلتحق بفرقة العروض عندما كان في التاسعة من عمره. لكن، لم يرفض الحياة التي قررها والداه. ومنذ طفولته، لم تنفصل حياته عن فنه. وكلما نما كإنسان نضج كفنان. ومثّل التدرب جزءا مهما وطويلا من حياته.

بِمَ يشعر عندما يراجع حياته التي قضى معظم الأوقات فيها على الحبل المشدود؟ هل يمكن تصنيف ذكرياته على أساس النطاق الزمني؟ أبدى غون وون-تاي عدم رضاه عن فكرة أنه من الممكن قياس القدرة بأرقام، إثر سماع هذين السؤالين.

وقال «إذا كان عليّ أن أتحدث بهذه الطريقة... حسنا، يمكن أن أقول إنني كنت مليئا بروح المبادرة حتى حوالي السنة العاشرة منذ بدء التدريب. حينئذ، لم أكن أعرف الخوف. لكن، لم أجد أسلوبي على الإطلاق. لأنني لم استطع تركيز الجهود إلا على متابعة نظام التدريب المتكرر. عندما مر حوالي ٢٠ عاما، تمكنت من بناء أسلوبي الخاص وتكييف الأداء للظروف الجسدية. وبعد ذلك، كان من الطبيعي أن أختار التقنيات التي أعرضها أمام المشاهدين بما ينسجم مع حالتي في ذلك اليوم. وعلى الرغم من أن لديّ ٤٠ عاما من الخبرة، لم تصل تقنياتي إلى الكمال بعد. وحتى الآن، عندما يكون الجو سيئا، أشعر بأن الحبل وجسمي يصبحان ثقيلين، وأن لا شيء يمكنني أن أفعله. في هذا الصدد، أظن أن المشي على الحبل المشدود يشبه رياضة المغامرات التي تكون خارج توقعاتنا وتتطلب التكيف مع الظروف المتغيرة بصورة دينامية.»

أجاب غون على الأسئلة دون إبداء مشاعره. لكن، رفع صوته عندما طرحتُ عليه سؤالا عن ارتفاع الحبل، وعلى الرغم من أن قصدي من هذا السؤال كان مجرد التأكد من ارتفاع الحبل الذي يستخدمه في عرضه، معروف أن ارتفاعه يبلغ ثلاثة أمتار.

«إن ارتفاع الحبل غير مهم. هناك فرق كبير بين الحبل البالغ ارتفاعه ثلاثة أمتار والشيء الآخر البالغ ارتفاعه ثلاثة أمتار. وكلما ازداد ارتفاع الحبل ازداد الخطر والخوف. ولا حاجة للمخاطرة برفع ارتفاعه. لأن العرض الكوري التقليدي على الحبل المشدود لا يعني العرض البهلواني فوق وادٍ مروّع ذي منحدرات حادة، بل إنه يمثل الألعاب المضحكة الصغيرة التي تُعرض على الحبل. ولذلك، يتواصل لاعبو السيرك الكوريون مع المشاهدين بالأعين ويتحدثون معهم أثناء أدائهم على الحبل.»

وقال إنه لا ينسى كيفية استخدام الحبل مثلما لا ننسى كيفية استخدام عيدان الأكل، حتى لو لم نستخدمها لبضعة أيام. وأضاف أنه عادة ما يبدأ العرض دون تمرين في هذه الأيام حذرا من الإصابة أثناء التمرين. قد تقع حوادث له من حين لآخر، لكنه لا يفكر فيها، لأن الخوف يأتي إليه بأشكال مختلفة، ودرجات متباينة في كل مرة حين يقف على الحبل. وهذا يعني أن التغلب على الخوف يمثل عنصرا رئيسا في فنه. ظننتُ أن ذلك يتطلب تدريب العقل المتكرر، وسألته عن ذلك. لكنه أعطاني إجابة غير متوقعة، قال: «لا أفكر في ذلك كثيرا. بل، أقول لنفسي – هذه مهمتي التي تأتي مع المخاطر ولذلك سأكون حذرا. ودائما أحاول أن أضع في عين الاعتبار الأشياء من حولي. على سبيل المثال، لا أقتل المخلوقات الحية. وعلى وجه الخصوص، لا ألحق أي ضرر بالطيور ولا آكلها. لأنني أيضا كائن في الهواء.»

عندما تمشي على حبل الحياة، عليك أن تسير بشكل مستقيم كي لا تنحرف عن طريقك، وتبقى محافظا على توازنك حتى عندما تهب الرياح الشديدة.

يقدم " غون"عرضا في الساحة أمام المتحف الوطني للتاريخ الكوري المعاصر في منطقة غوانغهوا مون في سيول.والمروحة في يده هي األداة الوحيدة التي يستخدمها للسيطرة على مقاومة الرياح والحفاظ على التوازن على الحبل

الحياة .. حبل مشدود

هل قصد أن خبرته لمدة ٤٠ عاما ليست كافية للسيطرة على الخوف الذي يأتي ويغادر حسبما يريد؟ ويسعى هذا الرجل إلى تجاهل الخوف الذي لا يمكن السيطرة عليه، ويتخذ تدابير رمزية لحماية نفسه من سوء الحظ. ومع ذلك، لا يسمح بأي غموض أو نقص فيما يتعلق بالأشياء التي يمكن أن يسيطر عليها.

«بالطبع، أقوم بتثبيت الحبل بنفسي. وعندما أقيم العماديْن، أتأكد من أن الأرض صلبة بما يكفي لتحمّل الحمولة. وأقيس حدة التوتر ثم أربط طرفي الحبل بالعمادين. وإذا لم يُربط الحبل بشكل صحيح وأصبح مشدودا للغاية، فإن ذلك يترك تأثيرا كبيرا على جسمي. وأنا الوحيد الذي يعرف مستوى التوتر الذي يناسبني. ولذلك، أجهز الحبل بنفسي.»

قال هذا اللاعب الذي شرح توزيع الحمولة على الحبل بطريقته الخاصة، إنه إذا حظي بفرصة لاختيار وظيفة جديدة، فسيعمل في مجال الهندسة. وأضاف أنه يحب التعامل مع الآلات ويقدر على إصلاح آلات بسيطة باستخدام القطع التي صنعها بنفسه، موضحا أن حياته ربما تكون أكثر ازدهارا لو كان يعمل في مجال الهندسة. وسألتُ عما إذا كانت الحياة كمهندس ما زالت حلما له لم يتحقق بعد. وكان جوابه أنه لم يحلم بذلك قط.

«هذه وظيفة رائعة إذا لم يكن لديك ما يدعو للقلق فيما يتعلق بكسب العيش. سافرتُ إلى خارج البلاد لتقديم العروض، وحظيت باحترام الناس الذين يسمونني بـ»الخبير غون». كما أن اسمي أُدرج في كتاب غينيس للأرقام القياسية لأداء «غو جونغ دولغي» ١٢ مرة في ٣٠ ثانية، وهو القفز من وضعية الجلوس ثم جعل الجسد ينقلب ١٨٠ درجة في الهواء قبل العودة إلى الحبل. أظن أنني أعيش حياة سعيدة، أليس كذلك؟»

يجدر بالذكر أن غون وون-تاي حصل على لقب «الخبير» في نامسا دانغ نوري الذي يمثل الممتلكات الثقافية الهامة غير المادية لكوريا، وأُدرج ضمن قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي للبشرية.

أكد غون أن الحياة تتشابه مع الحبل الذي يُسمى بـ»جول» في اللغة الكورية. وأوضح «بِمَ أمسكتَ عندما جئت إلى هذا العالم؟ نعم، هو الحبل السري، أي «تايت-جول». ويبدأ المولود الجديد حياته مرتديا اللباس الصغير المصنوع من الخيوط الرقيقة، أي «جول». وماذا أيضا؟ أحيانا عليك أن تعتمد على الروابط مع الآخرين، أي «يون-جول»، لحل مشاكل. وعندما تمشي على حبل الحياة، عليك أن تسير بشكل مستقيم كي لا تنحرف عن طريقك، وتبقى محافظا على توازنك حتى عندما تهب الرياح الشديدة. وإلى أين تذهب في النهاية؟ سوف تكون مربوطا بخيوط القنب، أي «سام-جول» وتتحول إلى رماد. يعني أن الحياة تبدأ وتنتهي بكل الأنواع من الحبال.»

أخيرا ابتسم غون وسأل: هل يمكن تخيل حياة الإنسان دون الحبال. أين يقف الآن على حبل حياته؟ وكيف يسير ويلعب عليه بكل حرية وفرح؟ تسيطر على ذهني الفكرة التي قدمها هذا الذي يمشي على الحبل المشدود.

غانغ سين-جاي كاتب مستقل
آن هونغ-بوم مصور فوتوغرافي

전체메뉴

전체메뉴 닫기