메인메뉴 바로가기본문으로 바로가기

Art Review

2021 SPRING

CULTURE & ART

عرض فني تحويل الواقع إلى أشياء تجريدية

تشتهر الفنانة الكورية يانغ هي-غيو المتخصصة في فن التركيب وتنشط في ألمانيا بشكل رئيس، باستخدام المواد المألوفة في الحياة العادية لتخلق منها أعمالها الفنية التي تمكن ترجمتها بطرق متعددة. وعلى وجه الخصوص، أصبحت محاولاتها الفنية أكثر جرأة وتنوعا في المعرض الذي نظمه مؤخرا المتحف الوطني الكوري للفنون الحديثة والمعاصرة، لتظهر خطواتها الشجاعة المستمرة على المواضيع الجديدة.

تحبّ الفنانة يانغ هي-غيو استخدام المواد العادية التي يمكن أن نجدها في حياتنا اليومية، ومنها رفوف تجفيف الملابس وستائر النوافذ والمصابيح الكهربائية. وطرحت الفنانة يانغ عملها «ساليم» الذي صنعته من الهياكل الحديدية والمراوح والخيوط الصوفية عندما شاركت في بينالي البندقية عام ٢٠٠٩ ممثلة للفنانين الكوريين. وكانت يانغ قد عرضت بعض أعمالها في عدة معارض عالمية أخرى مثل معرض دوكومنتا في مدينة كاسل من ألمانيا ومركز جورج بومبيدو في باريس.

تقوم الفنانة يانغ بمحاولات جديدة متنوعة في صنع أعمالها باستخدام المواد العادية من الحياة اليومية، وأحيانا تضع وراءها أوراق الجدران الرقمية التي تصنعها بتقنية تصميم الغرافيك. ويرى بعضهم أنه «لا يمكن التمتع بأعمالها بسهولة بسبب كثافة الصور المفرطة»، مشيرين إلى أن أعمالها الأخيرة معقّدة للغاية وصعبة الفهم بسبب تشابك الصور التي لا يرتبط بعضها ببعض. لكن الفنانة تؤكد أن التعقيد وعدم الفهم من طبيعة أعمالها.

معانٍ متعددة لشيء واحد
إن معرضها الأخير «يانغ هي-غيو: H2O & O2» الذي أُقيم بتنظيم من المتحف الوطني الكوري للفنون الحديثة والمعاصرة وبرعاية شركة هيونداي للسيارات خلال الفترة ما بين ٢٩ من سبتمبر عام ٢٠٢٠ و٢٨ من فبراير عام ٢٠٢١، رحب بزواره بعرض عملها التركيبي «مستودع الصمت – نواة منقورة» الذي يُعد صعبا للفهم اسما ومعنى وهو مجسم متحرك بطول ١١ مترا ومصنوع من الستائر البلاستيكية وتركيبات الإضاءة. وكان الزوار يستطيعون أن يتنقلوا بين داخله وخارجه بحرية ويطلعوا على الستائر البلاستيكية الزرقاء والسوداء التي تدور فوقهم متشابكة بعضها مع بعض ويتمتعوا بالأجواء المتنوعة التي يشكلها الحجم الضخم واللون.

وقد استخدمت الفنانة نوع الستائر البلاستيكية نفسها عندما صنعت عملها الآخر «قلب سول لويت رأسا على عقب» الذي يُعد من أشهر أعمالها. وكما يشير اسمه الذي يأتي من اسم الفنان المفاهيمي الأمريكي سول لويت، يتسم هذا العمل الفني الذي يتكون من الستائر البلاستيكية البيضاء بتأثره بحركة التقليلية الفنية. ولعل مشاهديه يقفون أمام معروضاته ويتساءلون عن معنى تكرير تقاليد التقليلية القديمة في القرن الحادي والعشرين.

تحدثت الفنانة عن الستائر البلاستيكية التي تستخدمها لصنع أعمالها، وقالت «يقول بعض الناس إنها ذات صفات غربية، غير أن بعضا آخر يقول إنها ذات صفات شرقية». وكما يشير قولها، يمكن أن تثير هذه المادة صورة المكتب الحديث الغربي في عقل شخص ما وبستان الخيزران الشرقي في عقل شخص آخر، وذلك يعتمد على وجهات النظر التي تختلف من إنسان لآخر. وأعتقد أن الفنانة تريد أن تؤكد على احتمال التعدد في معنى الشيء الواحد بسبب الاختلاف في وجهات النظر.

حدود مرتبكة
كانت أعمالها المتسلسلة «الأشياء المنزلية الصوتية» تُعرض في الجناح الخامس من المتحف، وهي مصنوعة من القش الاصطناعي والحبال البلاستيكية والأجراس النحاسية. وتبدو هذه الأعمال وكأنها كائنات غريبة بسبب الأجراس المعدنية التي تزينها، إلا أنه إذا نظرنا إليها لفترة ما فإننا ندرك أنها مجسمة للمكواة وفأرة الحاسوب ومجفف الشعر والطنجرة.

وكما ذكرت أعلاه، تريد الفنانة طرح السؤال عن الحدود بين الشرق والغرب في أعمالها المصنوعة من الستائر البلاستيكية. وفي سياق متصل، تسعى الفنانة إلى طرح السؤال عن الحدود بين الكائنات الحية وغير الحية بتحويل مجفف الشعر إلى السرطان وفأرة الحاسوب إلى شيء يشبه الحشرة والمكواة إلى المقص. كما أن الفنانة ركبت هذه الأعمال بعجلات صغيرة لكي تصدر الأجراس الصغيرة أصواتا عند تحريكها.

علّقت الفنانة أربعة أنواع من مقابض الأبواب على الجدار الواقع شرق تلك الأعمال المتسلسلة ورتبتها على شكل تُساعيّ الأضلاع. تعطي هذه المقابض الانطباع نفسه الذي تتركه أعمالها الأخرى. من الواضح أن مقبض الباب يُستخدم لفتح الباب إلا أنه يفقد وظيفته الأصلية إذا علق على الجدار. أعتقد أن الفنانة يانغ تريد أن تثير اهتمام المشاهدين لأعمالها التي تشير إلى التغير في معنى الأشياء وفقا للسياق المحيط بها. لكن هذه الإستراتيجية ليست شيئا جديدا بل إن فناني حركة دادا استخدموها قبل حوالي ١٠٠ عام. وعلى سبيل المثال، قبل محاولة الفنانة يانغ التي حوّلت المكواة لتتخذ شكل مقص بكثير، لصق الفنان البصري الفرنسي مان راي دبوسا في طاولة الكَيّ لإزالة معناها ووظيفتها في عمله «هدية» الذي كشف عنه عام ١٩٢١. ويمكن القول إن أعمال الفنانة يانغ تُعد امتدادا لفكرة الفنان الفرنسي مارسيل دوشامب الذي وضع مِبْولة في المتحف وسماها «النافورة» عام ١٩١٧.

يمكننا أن نرى هذه الاتجاهات الفنية في المعارض العالمية ولا يمانع الفنانون المعاصرون أن يستفيدوا من المفاهيم الفنية القديمة التي ظهرت في تاريخ الفنون. فعلى سبيل المثال، يتخذ بعض الفنانين المعاصرين أسلوب الفنان الإسباني العظيم بابلو بيكاسو في صنع أعمالهم، ومنهم الفنانة البريطانية سيسلي براون التي تشتهر باستخدام أساليب الفن التشكيلي التي كانت سائدة قبل القرن التاسع عشر، والفنان البريطاني ديفيد هوكني. ومن المعروف أن الفنانة يانغ تعتمد على الفن المفاهيمي. إذن، أين هو صوتها الخاص الذي يميز بينها وبين الفنانين الآخرين؟

إن الفنانة يانغ التي كانت تركز على الحدود بين الشرق والغرب وبين الأحياء وغير الأحياء انتقلت إلى مرحلة جديدة حيث بدأت تتساءل عن الحدود بين الكذب والحقيقة.

تجريد الواقع
طرحت الفنانة يانغ هي-غيو نوعا جديدا من أعمالها في المعرض الأخير، وهو «خمسة عناصر وعدمها» الذي يتخذ شكل اللافتات وطبقت عليه تقنية المونتاج من الصور الرقمية و«الاستنساخ الحقيقي» الذي يستفيد من صوت الذكاء الاصطناعي.

وأوضحت الفنانة يانغ فيما يتعلق بـ«خمسة عناصر وعدمها»، «يتسم هذا العمل بالصور الزاهية الجاذبة للأنظار التي تتشابه مع اللافتات الدعائية السياسية وأنماط الطباعة المبالغ فيها». وأسماء العناصر الخمسة الرئيسة (الشجر والنور والأرض والمعدن والماء) التي ترمز إليها الألوان الخمسة (الأزرق والأحمر والأصفر والأبيض والأسود) مكتوبة على هذه اللافتات الخمس، وأدوات الشامان المصنوعة من الورق الكوري التقليدي متدلية تحتها مثل الخيوط. أعتقد أن هذا العمل يرتبط بعنوان المعرض «H2O & O2» ارتباطا وثيقا. وذكرت الفنانة أنها تهتم بالحقيقة وهي أننا نعبر عن الهواء الذي نتنفسه يوميا والماء الذي نشربه يوميا بالرموز التجريدية مثل H2O & O2. ويشير ذلك أنها وجدت طريقتها الخاصة للتعبير عن الواقع باستخدام الرموز التجريدية.

أما «الاستنساخ الحقيقي»، فإنه مكبر الصوت العالق بين اللافتات. ويصدر منه صوت الفنانة المستنسخ بتقنية الذكاء الاصطناعي. ويدل ذلك على أن الفنانة يانغ التي كانت تركز على الحدود بين الشرق والغرب وبين الأحياء وغير الأحياء انتقلت إلى مرحلة جديدة حيث بدأت تتساءل عن الحدود بين الكذب والحقيقة.

ما بين برلين وسيول
وُلدت الفنانة يانغ هي-غيو في العاصمة الكورية سيول عام ١٩٧١ وانتقلت إلى مدينة فرانكفورت في ألمانيا عام ١٩٩٤ وتخرجت في شتيديلشوله الجامعة الألمانية للفن التشكيلي. تنشط الفنانة في برلين بشكل رئيس منذ استقرارها فيها عام ٢٠٠٥. وبعد افتتاح ورشتها في سيول عام ٢٠١٤، تنشط بين برلين وسيول. وكان اسمها يتصدر عناوين الصحف بعد حصولها على جائزة فولفغانغ هان الألمانية عام ٢٠١٨ لأول مرة كفنانة تنحدر من أصل آسيوي.

إن أعمال الفنانة يانغ معروضة في شتى أنحاء العالم رغم جائحة كورونا المستمرة منذ عام ٢٠٢٠. وأقامت معرض «مقابض» في متحف الفن الحديث في مدينة نيويورك الأمريكية خلال الفترة ما بين أكتوبر عام ٢٠١٩ و٢٨ من فبراير عام ٢٠٢١، وتُقيم معرض «جواذب غريبة» في تيت سانت إيفيس في مقاطعة كورنوال البريطانية خلال الفترة ما بين ٢٤ من أكتوبر عام ٢٠٢٠ و٢٦ من سبتمبر عام ٢٠٢١.

ويقيم المتحف الوطني الكوري للفنون الحديثة والمعاصرة معرضا سنويا خاصا لدعم الفنانين البارزين بالتعاون مع شركة هيونداي للسيارات منذ عام ٢٠١٤ حيث أُقيم المعرض الخاص للفنانة لي بول. واختار المتحف الفنانة يانغ للمعرض الأخير وعرض حوالي ٤٠ قطعة من أعمالها، وكان أول معرض منفرد للفنانة يانغ في المتحف الوطني الكوري للفنون الحديثة والمعاصرة.

كيم مين صحفية في جريدة دونغ آه اليومية

전체메뉴

전체메뉴 닫기