메인메뉴 바로가기본문으로 바로가기

Art Review

2021 SUMMER

نجوم تتألق معا في الظلام

أقام المتحف الوطني الكوري للفنون الحديثة والمعاصرة في قصر “دوك سو” أول معرض خاص له تحت عنوان “اللقاء بين الفن التشكيلي والأدب في العصر الحديث” ليسلط الضوء على الفنانين الكوريين خلال الفترة ما بين الثلاثينيات والخمسينيات من القرن الماضي، حيث عانت كوريا من الحكم الاستعماري الياباني والحرب الكورية. وأثار هذا المعرض اهتماما كبيرا لأنه كان يركز على العلاقة التعاونية بين الرسامين والأدباء والإنجازات الفنية الناتجة عنها في ظل المأساة التي كانت تعيشها كوريا في ذلك الوقت.

عاشت كوريا حقبة مظلمة شديدة السواد في الثلاثينيات من القرن الماضي، حيث اشتد قمع الاحتلال الياباني، إلا أن المجتمع الكوري كان يشهد تغيرا كبيرا يقوده إلى مجتمع حديث، ولا سيما أن هذا التغير طرأ في مدينة سيول التي كانت تُسمى بـ”غيونغ سونغ” آنذاك، حيث بدأت القطارات تسير على السكك الحديدية، والسيارات على الطرق المعبدة الحديثة، وأُنشئت العديد من المتاجر الكبيرة. وكانت شوارع مدينة سيول مكتظة بـ”الفتيان الحديثين” الذين يرتدون الملابس الغربية و”الفتيات الحديثات” اللواتي يرتدينَ أحذية الكعب العالي.

كانت الآلام ومشاعر الحزن الناتجة عن الواقع المرير تمتزج بالحيوية والطاقة التي كانت تبثها التحولات الاجتماعية نحو التحديث في مدينة سيول، وجذبت المدينة عددا كبيرا من الفنانين آنذاك. وعلى وجه الخصوص، كان الفنانون يجتمعون في المقاهي التي كانت تُسمى بـ”دا بانغ” في ذلك الوقت. ولم تكن هذه المقاهي تقدم القهوة فحسب، بل إنها كانت توفّر كذلك مكانا للفنانين يتبادلون فيه الآراء بحرية. وكان الفنانون يتحدثون عن الحركة الطليعية وغيرها من اتجاهات الفن الغربي الجديدة، وهم يستمعون لأغاني مطرب الأوبرا الإيطالي “إنريكو كاروسو” في هذه المقاهي المزينة بشكل ساحر.

أغاني كاروسو والحركة الطليعية
لم تُقهر روح الفن في ظل الحكم الاستعماري الياباني الذي جلب الفقر واليأس. وكان وراء هذا الحماس الفني المتوهج الصداقة والتعاون بين الفنانين والأدباء الذين كانوا يتشاطرون آلام العصر ويبذلون جهودا مشتركة لإيجاد مخرج منها.سلط معرض “اللقاء بين الفن التشكيلي والأدب في العصر الحديث” الذي أقامه المتحف الوطني الكوري للفنون الحديثة والمعاصرة في قصر “دوك سو”، الضوء على الفنانين في ذلك العصر وجذب كثيرا من الزوار رغم إجراءات التباعد الاجتماعي الناتجة عن جائحة فيروس كورونا المستجد.

قدم المعرض ٥٠ فنانا كوريا وركّز على الطريقة التي كان فيها الرسامون والشعراء والكتاب الروائيون يتعاونون ويتفاعلون بعضهم مع بعض، وكيف كانوا يتجاوزون الحدود بين الأنواع الفنية ليصلوا إلى المثل العليا التي كانوا يسعون إلى تحقيقها في أعمالهم الفنية. كان المعرض منقسما إلى أربعة أجنحة. وسلط الجناح الأول بعنوان “الالتقاء بالحركة الطليعية” الضوء على مقهى “جيبي” الذي يعني اسمه طائر السنونو، وكان يديره الشاعر “إي سانغ” (١٩١٠-١٩٣٧م)، والعلاقة بين الفنانين الذين كانوا يحبون هذا المقهى. الشاعر “إي سانغ” كان متخصصا في الهندسة المعمارية وكان يعمل مهندسا معماريا في حكومة الاحتلال الياباني، إلا أنه تخلى عن عمله بسبب إصابته بالسل وافتتح المقهى. وكان الشاعر “إي” معروفا بأعماله السوريالية، ومنها القصة القصيرة «الأجنحة» والشعر التجريبي «منظر عين الغراب»، ويُعتبر من الرواد الذين كانوا يقودون الأدب الكوري الحديث في الثلاثينيات من القرن الماضي.

ويُقال إن الصورة الذاتية للشاعر “إي سانغ” وبعض لوحات الرسام “غو بون-وونغ” (١٩٠٦-١٩٥٣م) كانت تعلق على الجدار الأبيض لمقهى “جيبي”. كان المقهى بسيطا ولم تكن فيه زخارف كثيرة إلا أنه كان مركزا للفنانين الفقراء. وكان الكثير من الفنانين الكوريين يترددون عليه، ومنهم الرسام “غو بون-وونغ” والكاتب الروائي “باك تاي-وون” (١٩١٠-١٩٨٦م) والشاعر والناقد الأدبي “كيم غي-ريم” (١٩٠٨م-مجهول). وكانوا يجتمعون في هذا المقهى لمناقشة اتجاهات مختلف الأنواع الفنية وأعمالها، مثل الأدب والفن التشكيلي والسينما والموسيقى. ولم يكن مقهى “جيبي” مجرد مكان للقاء، بل كان موطن الأفكار الإبداعية التي يتبادل الفنانون آراءهم فيه عن الاتجاهات الفنية الحديثة، ومن وحي هذا النقاشات كان يتولد الإلهام لدى بعضهم. وعلى وجه الخصوص، فإنهم كانوا يهتمون اهتماما كبيرا بأشعار الشاعر جان كوكتو وأفلام المخرج رينيه كلير. وقد علق الشاعر “إي سانغ” مقتطفات من أشعار كوكتو على جدار المقهى وكتب “باك تاي-وون” «قصة قصيرة مبنية على فيلم: الملياردير الأخير»، وهي محاكاة ساخرة لفيلم «الملياردير الأخير» للمخرج رينيه كلير الذي يندد بالفاشية.

وتثير الصداقة بين هؤلاء الفنانين التي يمكن أن نحس بها في أعمالهم الفنية اهتماما كبيرا. ورسم الرسام “غو بون-وونغ” صديقه “إي سانغ” في لوحته «صورة صديق» (١٩٣٥م). وكانا صديقين مقربين منذ أيام المدرسة رغم أن الفارق في السن بينهما يبلغ أربع سنوات. وأما “كيم غي-ريم” فإنه من أكبر المعجبين بأسلوب الرسام “غو” الذي تأثر بالمدرسة الوحشية. كما أنه أصدر أول مجموعة من أعمال الفنان “إي سانغ” عام ١٩٤٩ للتعزية بوفاة صديقه الذي تُوفي عن عمر يناهز ٢٧ سنة. كما أن الفنان “إي سانغ” صمم غلاف أول ديوان لصديقه الشاعر “كيم غي-ريم” بعنوان «خرائط الطقس» (١٩٣٦م). فضلا عن ذلك، رسم الشاعر “إي سانغ” رسوما توضيحية لرواية «الحياة اليومية للكاتب الروائي غوبو» (١٩٣٤م) التي نشرها صديقه “باك تاي-وون” في صحيفة جوسون جونغ آنغ اليومية. وكانت هذه الرواية تحظى بشعبية كبيرة نظرا للأجواء الغريبة التي خلقها أسلوب “باك” الفريد من نوعه ورسوم “إي” السوريالية.

لقاء بين الشعر والرسم
كانت أعمال الرسوم التوضيحية مصدر رزق جيد لكثير من الفنانين، كما أنها ساهمت في إضافة لمسة فنية على الصحف اليومية فضلا عن زيادة شعبيتها. وقد عرض الجناح الثاني بعنوان “متحف مَبنيّ من ورق” الإنجازات التي حققتها وسائل الإعلام المطبوعة مثل الصحف والمجلات والكتب التي نُشرت خلال الفترة ما بين العشرينيات والأربعينيات من القرن الماضي. وفي الجناح الثاني، استطاع الزوار أن يطلعوا على الروايات التي نُشرت في الصحف اليومية مع الرسوم التوضيحية لها التي رسمها ١٢ فنانا كوريا، ومنهم الرسام “آن سوك-جو” (١٩٠١-١٩٥٠م).

في ذلك الوقت، نشرت بعض شركات الصحافة مجلات أيضا. وفيها وُلد نوع فني جديد يُعرف باسم “هوا مون” الذي يعني الأشعار المصورة. ومن أمثلتها، شعر «ناتاشا والحمار الأبيض وأنا» للشاعر “بيك سوك” (١٩١٢-١٩٩٦م) الذي يبدأ بـ”تتساقط الثلوج الكثيفة في هذه الليلة / لأنني رجل فقير / يحب ناتاشا الجميلة”، ورسم الرسام “جونغ هيون-وونغ” (١٩١١-١٩٧٦م) رسوما توضيحية له عام ١٩٣٨. ويُقال إن هذه الرسوم التوضيحية، التي تجذب الأنظار للتناقض بين اللون البرتقالي الباهر والمساحة الفارغة البيضاء، تثير الشعور بفراغ دافئ مثل شعر “بيك سوك”. ونُشر هذا الشعر المصور في مجلة «يوسونغ» الأدبية التي نشرتها صحيفة جوسون اليومية.

إن الشاعر “بيك سوك” مشهور بأشعاره الغنائية التي تعكس خصائص الشعب الكوري. والرسام “جونغ هيون-وونغ” اكتسب شهرة برسومه التوضيحية. وكانت الصداقة بين الشاعر والرسام عميقة رغم أن علاقتهما بدأت كزميلين في الصحيفة نفسها. وعن الصداقة بينهما يقول “جونغ” إنه كان يحب أن ينظر إلى زميله “بيك سوك” الذي يعمل بجانبه، وعبر عن مدحه له في مقالته القصيرة «السيد بيك سوك» (١٩٣٩م) التي كتب فيها أنه جميل كأنه قادم من حلم. واستمرت الصداقة بينهما مدة طويلة بعد أن تركا وظيفتيهما في الصحافة. وفي عام ١٩٤٠، غادر “بيك سوك” إلى منشوريا وأرسل إلى صديقه قصيدة «إلى جونغ هيون-وونغ – من الأرض الشمالية». وأما “جونغ” فإنه انتقل إلى كوريا الشمالية عام ١٩٥٠ بعد انقسام كوريا إلى دولتين والتقى بصديقه “بيك سوك” مرة أخرى في أرض كوريا الشمالية وأصدر ديوانا لصديقه. ورسم على الغلاف الخلفي صورة صديقه “بيك سوك” المسن.

كان وراء هذا الحماس الفني المتوهج الصداقة والتعاون بين الفنانين والأدباء الذين كانوا يتشاطرون آلام العصر ويبذلون جهودا مشتركة لإيجاد مخرج منها.

مؤلفات الرسامين
سلط الجناح الثالث بعنوان “زمالة الفنانين والكتّاب في العصر الحديث” الضوء على العلاقة الشخصية بين الفنانين خلال الفترة ما بين الثلاثينيات والخمسينيات من القرن الماضي. وكان الفنان “كيم غي-ريم” يلعب دورا رياديا في بناء شبكة علاقات الصداقة مع الفنانين التي تشمل الفنانين من جيله والفنانين من الجيل الجديد. كان “كيم” يعمل صحفيا ويسعى إلى إيجاد فنانين جدد. وقدم كثيرا من الأعمال الفنية عبر مقالاته الناقدة. وفي وقت لاحق، ورث دوره الفنان “كيم غوانغ-غيون” (١٩١٤-١٩٩٣م) الذي كان شاعرا ورجل أعمال وقدم دعما ماليا للفنانين المميزين. وليس من المفاجئ أن بعض المعروضات في الجناح كانت من مقتنياته.

جذبت لوحة «عائلة الشاعر “غو سانغ”» (١٩٥٥م) التي رسمها الرسام “لي جونغ-سوب” (١٩١٦-١٩٥٦م) أنظار الكثير من الزوار. وفي هذه اللوحة، ينظر الرسام “لي” إلى أفراد عائلة الشاعر “غو سانغ” (١٩١٩-٢٠٠٤م) بعين الحسد. عندما كان “لي” يعيش وحده بعيدا عن عائلته التي انتقلت إلى بيت عائلة زوجته في اليابان أثناء الحرب الكورية بسبب الصعوبات المالية، كان يسعى إلى كسب المال للالتقاء بعائلته مرة أخرى. لكنه شعر بالإحباط الكبير عندما فشل في كسب المال ببيع أعماله في المعرض الذي أقامه بصعوبة. وتعكس هذه اللوحة شعوره هذا بالإحباط. كما أن الرسائل التي أرسلتها زوجته اليابانية إلى الشاعر “غو سانغ” لتسأل عن خبر زوجها، كانت معروضة بجانب اللوحة، مما جعل الزوار يفكرون في حياة هذا الرسام العبقري وعائلته الذي تُوفي في سن مبكرة في ظل الفقر والمرض نتيجة للحرب الأهلية.

في الجناح الأخير بعنوان “مؤلفات ولوحات الرسامين”، استطاع الزوار أن يلتقوا بأعمال الرسامين الستة المشاهير الذين لم يتركوا لوحات جميلة فحسب، بل تركوا أعمالا أدبية مميزة أيضا. ومنهم الرسام “جانغ ووك-جين” (١٩١٨-١٩٩٠م) الذي ركز على جمال الأشياء البسيطة، والرسام “باك غو-سوك” (١٩١٧-٢٠٠٢م) الذي أحب الجبال طول حياته، والرسامة “تشون غيونغ-جا” (١٩٢٤-٢٠١٥م) التي حظيت بشعبية كبيرة نظرا لأسلوبها الفريد من نوعه ومقالاتها التي عبرت فيها عما في داخلها بصراحة. كما أن اللوحات التنقيطية للرسام “كيم هوان-غي” (١٩١٣-١٩٧٤م) جذبت أنظار الزوار. وعندما نظرتُ إلى الكون المتناهي الصغر الذي خلقه الرسام “كيم” على هذه اللوحات، خطرت ببالي أسماء الأدباء والرسامين الذين التقيت بهم في الأجنحة السابقة. ويبدو أن جميع النجوم الذين كانوا يتألقون في عصر الظلام اجتمعوا أخيرا في هذا الفضاء الصغير.

تشوي جو-هيون | محرر في موقع “آرت إنسايت”

전체메뉴

전체메뉴 닫기