تعدّ ثقافة النشر المبتكرة من الجوانب العديدة التي تختص بها هونغداي. وهي تضمّ شركات النشر الكبيرة وشركات النشر التي يديرها شخص واحد وشركات التصميم ومقاهي الكتب. وبفضل التآزر بين المجتمع المحلي وشركات النشر تزدهر ثقافة النشر في المنطقة حتى إنّ أول متجر كتب يديره فرد في كوريا افتُتح فيها.
"ثانكس بوكس" متجر كتب رائد في المنطقة. ومعظم العملاء هم أشخاص في العشرينيات والثلاثينيات من العمر يعملون في صناعة الفنون والثقافة. وصاحب المتجر هو مصمّم سابق تنعكس أذواقه على الكتب الفريدة والتي تستحق اهتمامًا خاصًا.
© ثانكسبوكس
شهدت هونغداي التي كانت تنمو في مجالي الفنون الجميلة والموسيقى، تغيرًا آخر منذ أواخر التسعينيات من القرن الماضي. وتوافد إليها المحترفون في مجالات الإعلان والتصميم والرسوم المتحركة والبث والتصوير الفوتوغرافي والأفلام والنشر والأزياء واحدًا تلو الآخر، مما أعطاها هويةً جديدة كمركز إبداعي شامل.
التطوير الذاتي لثقافة النشر
مدينة باجو للكتب هي مجمع صناعي للنشر يقع في شمال مقاطعة غيونغّي، شاركت في إنشائه في عام ٢٠٠٣ قرابة ٢٠٠ شركة نشر صغيرة ومتوسطة الحجم بدعمٍ من الحكومة لإحياء صناعتها. وعندما كان المجمع الذي يضمّ الآن حوالي ٩٠٠ شركة نشر، في مرحلة التخطيط، تشكّل مجمعٌ للنشر بشكل عضوي في هونغداي.
وتوفّر مدينة باجو للكتب وهونغداي فرص عمل لأكبر عدد من محترفي النشر في كوريا. وتمتلك شركتا مونجي للنشر وتشانغبي للنشر اللتان كانتا معروفتين بالعملاقَيْن في صناعة النشر الكورية ذات يوم، مكاتبَ في هونغداي الآن. وتأسّست مونجي للنشر في عام ١٩٧٥ على يد أربعة نقاد أدبيين قاموا بتحرير المجلة الفصلية "مونهاك-غوا جيسونغ (معناها الأدب والعقلانية)"، وفي عام ١٩٨٩ نقلت مكتبها إلى سوغيو-دونغ، الحي الذي أصبح يُعرف باسم هونغداي. وكانت لدى تشانغبي للنشر قصة مماثلة حيث أصدرت أول عدد من المجلة الأدبية "تشانغجاك-غوا بيبيونغ (الإبداع والنقد)" في عام ١٩٦٦، ويقع المقر الرئيس لها في باجو لكن مبنى تشانغبي سوغيو الذي ينفّذ عددًا كبيرًا من المشاريع، يقع في هونغداي. وبصرف النظر عن ذلك فإن العديد من شركات النشر الرائدة في كوريا اختارت المنطقة الأخيرة لبناء مكاتبها.
ومن بين السمات الأخرى لمجال النشر في هونغداي العلاقة المتبادلة بين الناشرين والمجتمع. وعلى سبيل المثال يعدّ مهرجان واو للكتب في سيول، وهو الأول من نوعه الذي يُقام في المنطقة، منصةً لتعزيز ثقافة القراءة وتنشيط صناعة النشر وحتى تبادل الخبرات في مجالي الفنون والثقافة. وافتُتح هذا المهرجان السنوي في خريف عام ٢٠٠٥، ويلعب دورًا محوريًا في تواصل الناشرين والمؤلفين والقراء وسكان المنطقة.
وتقوم مؤسسة واو كلتشر لاب التي تستضيف المهرجان، بتنظيم أنشطة ثقافية وفنية بالتعاون مع عدد كبير من الناشرين والمجموعات ذات الصلة في هونغداي. وبالإضافة إلى ذلك تعمل على تنويع مجالات أعمالها، بما في ذلك إقامة المنتدى الدولي لثقافة النشر والبحث في سبيل تنشيط المكتبات المحلية وتعليم الفنون والثقافة للموظفين العاديين.
مقاهي كتب يديرها الناشرون
تمتلئ هونغداي بمقاهي الكتب المملوكة للناشرين التي جرى تشغيلها بطرق مختلفة تمامًا عن المقاهي التقليدية. فهي ليست مجرد أماكن ترويجية ولكنها مساحات ثقافية تُجرى فيها أنشطة وأحداث متنوعة. ومقهى كومّا التابع لمجموعة مونهاك دونغني للنشر هو مثال بارز على ذلك. فقد افتُتح أول مقهى في شارع موقف السيارات في هونغداي في عام ٢٠١١، ثم افتُتح المقهى الثاني بالقرب من محطة جامعة هونغإيك لتلبية احتياجات عدد كبير من زوار المنطقة. ولم يَعد المقهيان موجودين الآن، ولكن مونهاك دونغني افتتحت فروعًا جديدةً في هابجونغ-دونغ ودونغّيو-دونغ المجاورتين لها ومناطق أخرى في سيول وضواحيها.
والتقى الأديبان الحائزان على جائزة نوبل في الأدب "جاي ماري غوستاف لو كليزيو" و"كنزابورو أوي" بالقراء في مقهى كومّا، كما تُقام هناك محاضرات للمؤلفين المشهورين الكوريين والأجانب، بمن فيهم "هوانغ سوك-يونغ" و"هان كانغ" و"يان ليانكه". وبالإضافة إلى ذلك، يُستخدم المقهى لاستضافة أحداث ثقافية للشركات وتصوير الأعمال الدرامية.
"اُنليميتد إيديشين" هو معرض كبير يجمع منتجي المنشورات والكتب الفنية المستقلين. يستضيفه "يور-مايند"، وهو أول متجر كتب مستقل في هونغداي. والمعرض مفتوح للمشاركين من خارج كوريا أيضًا، مما يسمح للزوار بالاطلاع على أحدث اتجاهات الكتب الفنية الكورية والدولية.
© هيوجين ليم، نسخة Unlimited Edition
وتدير تشانغبي للنشر مقهى تشانغبي منذ عام ٢٠١٢، وتعمل مع شركاء في مجالات أخرى. وفي عام ٢٠١٢ بدأت بالتعاون مع العلامة التجارية لتصميم الأدوات المنزلية "براون هاينز" والتي تحمّص القهوة في المقهى. وتجذب رائحة القهوة الطازجة والأثاث ومنتجات الإضاءة الأنيقة التي صنعها الحرفيون، العملاء الشباب.
وافتتحت مونجي للنشر "صالون مونجي" في الطابق السفلي من مبناها في سوغيو-دونغ في يونيو الماضي. ويتكون الصالون من مساحة لتقديم القهوة والويسكي وقاعة لإقامة أحداث ومحاضرات خاصة بالكتب. وفي الطابق الأول يوجد "مونجي بوست"، وهو مكان يشبه مكتب البريد حيث يمكن للقراء كتابة رسائل للمؤلفين.
ازدهار متاجر الكتب المستقلة
تحظى متاجر الكتب المستقلة، وهي متاجر الكتب التي يديرها شخص واحد عادةً، باهتمام كبير في هونغداي، بقدر ما تكتسب مقاهي الكتب التي يديرها الناشرون اهتمامًا خاصًا. وهناك عدد كبير من المتاجر الصغيرة الحجم التي تعرض وتبيع كتبًا يصعب العثور عليها في متاجر الكتب الكبيرة، وعلى رأسها "يور-مايند" و"ثانكس بوكس".
عندما ترسخت ثقافة المقاهي في كوريا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ظهرت مقاهي الكتب حيث يمكن للزوار قراءة الكتب أثناء شرب القهوة. ويقود هذا الاتجاهَ الناشرون الذين لا يهتمون ببيع الكتب فقط ولكنهم يستضيفون أحداثًا للترويج لثقافة القراءة أيضًا. وتُظهر الصورة "مقهى كومّا" الذي تديره مجموعة مونهاك دونغني للنشر.
ويُعرف "يور-مايند" بأنه أول متجر في كوريا يبيع الكتب التي يتولى الفرد كل مراحل نشرها من التخطيط والتصميم وحتى التسويق. وفي عام ٢٠٠٩ بدأ ببيع كتبٍ أصدرتها شركات النشر الصغيرة وكتبٍ فنية أنتجها المؤلفون بشكل مباشر. كما أنه يستضيف معرض سيول السنوي للكتب الفنية المسمى "اُنليميتد إيديشين". وقد أقيم في البداية في صالة عرض فني صغير في هونغداي، ولكنه نما حتى إنه أُقيم مؤخرا في أماكن كبيرة وشهيرة مثل متحف سيول للفنون ومتحف إلمين للفنون. وفي عام ٢٠١٧ انتقل متجر "يور-مايند" من سوغيو-دونغ إلى يونهي-دونغ وأصبح معلمًا جديدًا في الحي الأخير يمتلئ بالزوار في عطلات نهاية الأسبوع.
و"ثانكس بوكس" الذي تم افتتاحه في عام ٢٠١١، هو متجر كتب خاص لبيع الكتب المختارة التي تستحق اهتمامًا خاصًا. كما يدير استوديوًا لتصميم الكتب ويستضيف معرضًا شهيرًا في كل شهر بالتعاون مع ناشري هونغداي. ولا يحتوي على كل أنواع الكتب، ولكنه يعمل كمكان شهير للّقاء.
وفي حين يركز يور-مايند على توزيع الكتب التي نشرها الأفراد والشركات الصغيرة، يتعامل ثانكس بوكس مع مجموعة أكبر من الكتب. ومع ذلك، يتشابه المتجران في استضافة معارض كتب لشركات النشر الصغيرة وعرض أفلام وثائقية لتوفير مكان لقاء وعدم إشغال مساحاتهما بطريقة تجارية مفرطة.
وفي الآونة الأخيرة افتُتح عدد كبير من متاجر الكتب المستقلة المميزة في هونغداي والأحياء المجاورة لها، بما في ذلك "غاغا ٧٧ بايج" و"بوكشوب ليسبون" و"اَندو بوكس" و"تشيكبانغ يونهي". ومنطقة هونغداي الكبرى هي مكان لا بد من زيارته لمحبي الكتب، سواء كانوا يفضّلون مقاهي الكتب التي تديرها شركات النشر الكبيرة أو متاجر الكتب المستقلة.
انتقل "يور-مايند" من هونغداي إلى يونهي-دونغ القريبة، وقام بتوسيع نطاق عمله من خلال بيع الأدوات المكتبية المصنوعة بالتعاون مع الفنانين.
متجر غلبوت للكتب الذي افتُتح في عام ١٩٧٩، هو أحد أقدم المتاجر في هونغداي. وفي البداية كان يبيع كتبا فنية بشكل أساسي، ولكنه الآن يتعامل مع كتب من مختلف المجالات.
© مكتب مابو-غو