한국국제교류재단

بدأت ثقافة بيع وشراء السلع المستعملة ترسّخ جذورها في كوريا بعد افتتاح منصة تجارة المواد المستعملة “جونغ غو نا را (عالم السلع المستعملة)” عام 2003. وبالإضافة إلى ذلك، فمنذ إطلاق التطبيق المحلي “دانغ غون ماركت” الذي يعني باللغة الكورية (سوق الجَزَر) عام 2015، أصبحت تجارة السلع المستعملة ثقافة جديدة واتجاها استهلاكيا جديدا.

“ملصقان في خبز البوكيمون مقابل 3,000 وون، وأفضل بيعهما وجها لوجه”.

أصبح الخبز، الذي يمكن شراؤه بسعر 1,500 وون من المتاجر الصغيرة، موضوعا ساخنا مؤخرا بين مشتركي منصة التداول للسلع المستعملة “دانغ غون ماركت”، الذين يرغبون في جمع الملصقات التي تأتي مع أكياس الخبز. وقد عادت تقليعة جمع ملصقات خبز البوكيمون بعد الطفرة الأولى في أواخر التسعينيات.

ولا تقتصر المعاملات التي تتم عبْر هذه المنصة على البضائع، بل امتدت إلى المناسبات الاجتماعية، فعلى سبيل المثال، يقول بعضهم إنهم سيتشاركون التهاني بمناسبة رأس السنة الجديدة، بقول “سنة جديدة سعيدة” أو يتشاركون ذكريات طفولتهم.

النسخة العالمية من تطبيق “دانغ غون ماركت”(سوق الجَزر) للجوال أصبحت متاحة في أربعة بلدان، هي الولايات المتحدة وكندا وإنجلترا واليابان، اعتبارا من النصف الأول من عام 2022.
© دانغ غون ماركت

تجارة السلع المستعملة
ظهرت منصة “دانغ غون ماركت” كمجتمع تجاري مباشر يستهدف مناطق سكنية معينة، لكن في أيامها الأولى، لم يكن لها وجود فعلي، لأنها لم تلفت نظر المستخدمين، مقارنة بمنصة “جونغ غو نا را “ الإلكترونية المتخصصة في التجارة المباشرة للسلع المستعملة على موقع بوابة “نافيرnaver” الكبرى.

وفي ذلك الوقت، تم تصنيف مجموعة “جونغ غو نا را”، التي تضم بالفعل أكثر من 10 ملايين عضو، كأكبر منصة لتداول السلع المستعملة في كوريا. ومع ذلك، فإن سوق “دانغ غون ماركت” ينمو حاليا بسرعة كمنصة كبيرة تضم 23 مليون مشترك تراكمي، ويقف في قلب ثقافة تجارة السلع المستعملة في المجتمع المحلي. وعلاوة على ذلك، دخلت الشركة إلى أسواق بريطانيا والولايات المتحدة وكندا واليابان منذ عام 2019 تحت اسم “كاروت (Karrot)”. وتم تصميم هذا التطبيق للتعامل مباشرة مع السكان داخل دائرة نصف قطرها 6 كيلومترات من منطقتهم، ويتميز بأنه يتم تشغيله على أساس الموثوقية في المعاملة.

وحسب إجمالي عدد الأسر في كوريا البالغ (20.92 مليون أسرة) الذي أعلنه مكتب الإحصاء الوطني الكوري عام 2020، فإنه يمكن أن نفترض أنّ جميع الأسر تقريبا قد اشتركت في “دانغ غون ماركت”. ونظرا لوجود شخص واحد على الأقل من كل أسرة مشترك في هذا السوق، ظهر تعبير جديد هو “هل أنت جَزَرَةٌ؟” في إشارة إلى ما إذا كان هذا الشخص من مستخدمي “دانغ غون ماركت”. كما ارتفع عدد مستخدمي المنصة شهريا من 500 ألف شخص في عام 2018 إلى 1.8 مليون في عام 2019، و4.8 مليون عام 2020، ليصل إلى 17 مليونا، في مارس 2022.

ويقال إن الكثير من الناس يستخدمون “دانغ غون ماركت” بشكل يومي، ويبدو أن تفشي فيروس كورونا المستجد تسبب في الانتشار السريع لمعاملات السلع المستعملة. ويعود السبب في ذلك إلى تضييق نطاق الحياة ومحدودية الحركة وسط الوباء. وبالإضافة إلى ذلك، فمع زيادة الوقت الذي يقضيه الناس في المنازل، بدأ العديد من الناس يجدون الوقت الكافي لفرز الأشياء غير الضرورية في منازلهم. ومع تقلص معنويات المستهلكين، بدأ الناس التفكير في إيلاء المزيد من الاهتمام للمنتجات عالية الأداء بأسعار معقولة.

أصبحت “دانغ غون ماركت” التي تعد منصة تداول مستخدمة محليا، شائعة بين الناس، وظهرت عبارة جديدة، وهي “هل أنت جَزَرة؟” في تبادل التحية أثناء شراء أو بيع السلع المستعملة.
© دانغ غون ماركت

التبادلات بين السكان المحليين
“أظهر اختبار الأجسام المضادة لكوفيد-19 الذي أجريتُه نتيجة إيجابية، إذن ماذا عليّ أن أفعل الآن؟”

هذا هو ما نشره أحد مستخدمي “دانغ غون ماركت” على عجل في لوحة الإعلانات التي تُعد واحدة من خدمات “دانغ غون ماركت”، فردّ عليه أحد المستخدمين “يمكنك الحصول على الدواء من صيدلية معينة من خلال العلاج غير الوجاهي”، وسأل مستخدم آخر، “هل تشعر بألم شديد؟ أتمنى أن تتحسن صحتك سريعا”، هؤلاء كلهم سكان الحي ذاته. فمن خلال لوحة الإعلانات، يمكن للمقيمين في مناطق محددة طرح الأسئلة على بعضهم بعضا وحلها. ومع زيادة عدد المستخدمين، اعتبارا من نهاية العام الماضي، زاد عدد المقالات المنشورة على لوحة الإعلانات بمقدار 2.1 مرة مقارنة بالربع الأخير من العام السابق.

وخصصت منصة “دانغ غون ماركت” اليوم الحادي عشر من كل شهر وأعلنته “يوم مشاركة”، لتبادل البضائع مجاناً. وكان هناك ما يقرب من أربعة ملايين حالة لمثل هذه المشاركة في الربع الأخير من عام 2021، بزيادة 82% على أساس سنوي. وعلى لوحة الإعلانات سردت عائلة منكوبة قصتها التي تتمثل في أنها غادرت شقتها بسبب حريق في المبنى ولم تأخذ أيا من الأدوات المنزلية قبل الفرار من الحريق، لذلك لم يكن لديها أي شيء، وهي تعيش حاليا في مساكن مؤقتة وفرتها بلدية منطقتهم. وعلى لوحة الإعلانات ذاتها، قدم شخص أدوات منزلية مجانية وانتهى به الأمر أيضا إلى تقديم هدايا وأطباق جانبية يمكن أن تصاحب أي وجبة.

وفي الوقت نفسه، فإن خدمة “دانغ غون ماركت” هي برنامج يقوي الروابط بين أصحاب الأعمال الصغيرة والسكان المحليين. وتساعد التعليقات الحية التي ينشرها السكان حول زياراتهم للمطاعم أو المتاجر في الحي وعروض الخصم المختلفة، على تنشيط الاقتصادات المحلية.

زاد من انتشار معاملات السلع المستعملة، قيامبعض الأشخاص الذين باتوا يقضون الكثير من الوقت في المنزل بسبب جائحة كورونا بفرز الأشياء غير الضرورية، ويحاولونالحصول على السيولة النقدية لمواجهة الانكماش في النشاط الاقتصادي.
© دانغ غون ماركت

تسعى “دانغ غون ماركت” جاهدة لدعم التواصل المجتمعي من خلال السماح للمستخدمين ليس فقط بتداول السلع المستعملة، بل بالإحساس بالراحة في الحي أيضا.
© تونغ رو إميزس

بناء الثقة
بطبيعة الحال، فإن تجارة السلع المستعملة من خلال نظام “من المستهلك إلى المستهلك (C2C)” عبر الانترنت ليست مثالية دائما. ويمكن أن يؤدي الاهتمام الكبير بالسلع المستعملة إلى جذب محتالين يقدمون سلعا رديئة وخدمات رديئة. وعند حدوث مثل هذه الحالات، يتعين على المشاركين حل نزاعاتهم بأنفسهم أو تقديم شكوى إلى السلطات.

ويمكن أن تنشأ قضايا أخلاقية أيضا. وفي إحدى الحالات، عندما كان تطبيق نظام تصريح الحجر الصحي ساريا في العام الماضي، نشر شخص لم يحصل على لقاح ضد كورونا رسالة تعرض أموالاً لمعرفة الطريقة التي تمكّنه من الحصول على شهادة تلقيح دون الحصول على اللقاح بشكل فعلي. وحاول شخص آخر ثبتت إصابته بفيروس كورونا بيع مجموعة أدوات اختبار كورونا المنزلية الخاصة به لأي شخص يبحث عن الحصول على نتيجة الاختبار مجانا أو إجازة لبضعة أيام من العمل بناءً على النتيجة الإيجابية لاختبار كورونا.

ولفتت المعاملات المباشرة بين المتعاملين في “دانغ غون ماركت” الانتباه لهذه المنصة كنموذج للابتكار التجاري. ولبناء البيئة والحفاظ عليها التي تمكّن المستخدمين من أن يثق بعضهم ببعض، تتعاون “دانغ غون ماركت” مع وكالة الشرطة الوطنية وإدارة الغذاء والدواء. وباستخدام تقنية التعلم الآلي، تقوم بتصفية المحتوى غير القانوني وحظره. وعندما يقدم شخص ما معلومات شخصية غير صحيحة أو يُكتشف أنه متورط في قضية جنائية، تظهر رسالة تحذير على الفور في نافذة الدردشة. ويتلقى المشتركون الذين يتحدثون إلى مستخدم تمت معاقبته على عملية احتيال في المبيعات رسالة بخصوص الحالة السابقة لمنع حدوث ضرر محتمل. وأولئك الذين تسببوا في مشاكل ممنوعون فورا من استخدام خدمات “دانغ غون ماركت”.

وبتسهيل إعادة التدوير من خلال تجارة السلع المستعملة، قللت شركة “دانغ غون ماركت” حتى الآن ما قيمته 7.2 مليون طن من الغازات الدفيئة، أي ما يعادل زرع حوالي 52.4 مليون شجرة، حسبما أوضحت الشركة. ويتوافق هذا مع معايير “البيئة والمجتمع والحوكمة” الشائعة بين الشركات الكورية والمستثمرين وعامة الناس. وتتوقع الصناعة ذات الصلة أن يزداد الاهتمام بتجارة السلع المستعملة أكثر. وهذا يتماشى مع الاهتمام المتزايد بإعادة استخدام الموارد وانتشار ثقافة المشاركة في حماية البيئة.