메인메뉴 바로가기본문으로 바로가기

Focus

2021 SUMMER

مرآة

قصر قلوب السعادة

اُفتتح بيت «ديلكوشا» الذي كان يعيش فيه الأمريكي ألبرت تيلور (1875-1948م) الذي نقل أول خبر عن حركة الأول من مارس التي اندلعت عام ١٩١٩ إلى العالم، وزوجته البريطانية ميري لينلي تيلور (١٨٨٩-١٩٨٢م)، وبدأ باستقبال زواره منذ اليوم الأول من مارس في هذا العام. واستعاد البيت، الذي يحمل أحلام صاحبيه وحبهما وإرادتهما القوية لدعم حركة الاستقلال الكورية، صورته القديمة بعد انتهاء عملية الترميم التي استغرقت سنوات.

هناك بيت فريد من نوعه مكون من طابقين وطابق تحت الأرض بُني من الطوب الأحمر في أحد الأحياء السكنية من منطقة هينغ تشون في مدينة سيول. وظل تاريخ هذا البيت، الذي كُتبت على حجر الأساس فيه عبارة «ديلكوشا ١٩٢٣»، مجهولا لفترة طويلة.

جاء الأمريكي جورج تيلور إلى أرض كوريا مع ولديه ألبرت وويليام في نهاية التسعينيات من القرن التاسع عشر، حيث تأسست الإمبراطورية الكورية، للعمل في منجم أونسان للذهب الواقع في محافظة بيونغ آن الشمالية. تزوج ولده ألبرت من الممثلة البريطانية «ميري لينلي» وبنى لهما بيتا على الطراز الغربي، وأطلق عليه اسم «ديلكوشا» الذي يأتي من اسم قصر في شمالي الهند الذي زاراه خلال رحلة شهر العسل، ويعني «قصر قلوب السعادة» باللغة السنسكريتية.

بيت منسي
لم يكن ألبرت يعمل في منجم الذهب فحسب، بل إنه أنشأ شركة تيلور التجارية في وسط مدينة سيول، وتاجر في السيارات الأمريكية ومختلف مستلزمات الحياة والمواد الإنشائية أيضا. فضلا عن ذلك، كان ألبرت يعمل مراسلا لوكالة يونايتد برس إنترناشيونال الأمريكية للأنباء ووكالة أسوشيتد برس الأمريكية للأنباء في سيول، وينقل أخبارا عن كوريا إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

وُلد بروس تيلور (١٩١٩-٢٠١٥م)، ابن ألبرت، في مستشفى سيفرانس في ٢٨ من فبراير عام ١٩١٩، وهذا التاريخ يوافق اليوم السابق لاندلاع حركة الأول من مارس التي انتفض فيها الشعب الكوري احتجاجا على قمع الحكم الاستعماري الياباني. وقالت ميري لينلي تيلور في كتابها «قلادة من الكهرمان» (١٩٩٢م) إن الممرضات الكوريات أخفين وثيقة تحت قماط لطفلها الحديث الولادة لتجنب تفتيش الشرطة اليابانية لكنها لم تدرك أنها وثيقة إعلان الاستقلال الكوري حتى جاء زوجها ألبرت.

وتابعت في كتابها؛ صاح زوجي «إنه إعلان الاستقلال الكوري!». أتذكر تلك اللحظة بوضوح حتى اليوم. وكان زوجي مراسلا جديدا فكان يبدو أن هذه الوثيقة جلبت له السعادة أكثر مما جلبته ولادة ابنه الجديد. وفي تلك الليلة، غادر أخو زوجي ويليام إلى طوكيو حاملا نسخة من الإعلان أخفاها في نعل حذائه لكي يرسلها إلى الولايات المتحدة الأمريكية قبل صدور أمر منع النشر.

.في ذلك العصر، لم يكن أحد يتوقع حدوث مقاومة شعبية واسعة ضد القوى الاستعمارية، إلا أن الشعب الكوري انتفض وقام بحركة شعبية واسعة بعد تسعة أعوام من بدء الحكم الاستعماري الياباني. وبفضل جهود السيد ألبرت، نشرت صحيفة «تشاينا برس» باللغة الإنجليزية هذا الخبر في ٤ من مارس، كما نشرته صحيفة «ساوث بند نيوز تايمز» التي كانت تتخذ من ولاية إنديانا الأمريكية مقرا لها في ١٠ من مارس وصحيفة «نيويورك تايمز» في ١٣ من مارس على التوالي تحت عنوان «الكوريون يعلنون استقلالهم».

علاوة على ذلك، استمر السيد ألبرت بمتابعة تطورات الحركة وما تبعها من حوادث الإحراق والقتل التي قامت بها الحكومة الاستعمارية اليابانية لقمع المقاومين الكوريين ونشر الأخبار عنها. وساهم السيد ألبرت في إعلان الاعتداءات اليابانية بحق الكوريين واستقطاب التأييد العالمي لكفاح الشعب الكوري مخاطرا بسلامته وسلامة عائلته ورغم الأضرار المتوقعة بأعماله التجارية. وكانت الحكومة اليابانية تعتبره شوكة في حلقها. وعندما شنت القوات اليابانية حرب المحيط الهادئ عام ١٩٤١، منعت «الأشخاص الذين يحملون جنسيات الدول المعادية» من الإقامة في الأراضي التي احتلتها. وفي نهاية المطاف، اعتقلت القوات اليابانية ألبرت في ديسمبر من ذلك العام وسجنته في سجن قريب من سجن «سوداي مون» مدة ستة أشهر، ورحّلته وزوجته إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وظل اسم ألبرت وأفراد عائلته في غياهب النسيان حتى زار بروس تيلور وابنته جينفر تيلور (١٩٥٨م-حتى الآن) كوريا عام ٢٠٠٦ بعد مرور ٦٤ عاما على ترحيل ألبرت وزوجته.

زيارة عائلة تيلور
عندما زرتُ بيت «ديلكوشا» قبل حوالي عشر سنوات، كان البيت متهالكا من الداخل والخارج. وكان من المستحيل العيش فيه. كانت لبنات الطوب مبعثرة هنا وهناك، واستطعت أن أرى أعمدة حديدية بين شقوق الجدران الخرسانية. وأما داخل البيت فقد فقدت بعض أجزائه، لا سيما الجزء الواقع تحت السلم بين الطابقين الأول والثاني، ومكان الموقد في المكتبة في الطابق الثاني ومدخل البيت والسلم والأرضية والنوافذ كانت تحتفظ بأشكالها الأصلية، ولكنها تحولت إلى خراب. كما أن الغطاء البلاستيكي الذي يغطي السقف كانت تتسرب منه مياه الأمطار.

مع ذلك، بدأت الحكومة الكورية وبلدية مدينة سيول تولي اهتماما بهذا البيت. وأُدرج ضمن قائمة التراث الوطني المسجل عام ٢٠١٧ لمنع المزيد من التدهور والحفاظ على قيمته التاريخية، بعد أن أصبح تاريخه معروفا بين الكوريين بمناسبة زيارة بروس تيلور وابنته لكوريا. وبعد عام من ذلك، بدأ مشروع الترميم وكُشف عن البيت أمام الجمهور في اليوم الأول من مارس عام ٢٠٢١. وكانت قطع الأثاث والمزهريات والشمعدانات ومدفأة غلينوود وغيرها من الأجهزة المنزلية ومواد التزيين المنزلي تجعل زوار البيت يشعرون وكأنهم يعودون إلى العشرينيات من القرن الماضي. وعلى وجه الخصوص، تبرعت عائلة تيلور بالقطع الأثرية والصور الفوتوغرافية القديمة التي تركها السيد ألبرت وزوجته ويبلغ عددها ١٠٢٦ قطعة إلى متحف سيول للتاريخ، مما ساهم في تنوع المعروضات في بيت «ديلكوشا».

ليس بيت «ديلكوشا» مجرد ذلك المكان الذي كانت تعيش فيه عائلة أجنبية، بل إنه بيت البطل الذي أعلن كفاح شعب الدولة المحتلة ضد القمع الاستعماري في شتى أرجاء العالم. عاش ألبرت في كوريا فترة أطول مما عاش في وطنه وأراد أن يدفن جثمانه في أرض كوريا. تُوفي بمرض القلب في ولاية كاليفورنيا الأمريكية عام ١٩٤٨ ودُفن بجانب والده في مقبرة المبشرين المسيحيين الأجانب في منطقة هابجونغ من مدينة سيول. ونقلت زوجته ميري جثمانه إلى كوريا على متن السفينة الحربية الأمريكية مباشرة بعد تأسيس جمهورية كوريا.

أما زوجته ميري فإنها تُوفيت في سن الثانية والتسعين عام ١٩٨٢ ودُفنت في ولاية كاليفورنيا. وعندما زار بروس وجينفر كوريا، أضافا تربة قبر ميري على قبر ألبرت وأخذا تربة قبره لإضافتها على قبر ميري في كاليفورنيا.

ليس بيت «ديلكوشا» مجرد ذلك المكان الذي كانت تعيش فيه عائلة أجنبية، بل إنه بيت البطل الذي أعلن كفاح شعب الدولة المحتلة ضد القمع الاستعماري في شتى أرجاء العالم.

مساعدون أجانب
ساهم عدد غير قليل من الأجانب في تحقيق استقلال كوريا فضلا عن السيد ألبرت. فقد قَدِم البريطاني إرنست توماس بيثيل (١٨٧٢-١٩٠٩م) إلى كوريا عام ١٩٠٤ وأسس صحيفة دايهان اليومية بالتعاون مع الصحفي الكوري يانغ غي-تاك (١٨٧١-١٩٣٨م). ومن المعروف أن إرنست كان يسكن في البيت الذي كان يبعد عن منزل ألبرت حوالي ٢٠٠ متر. وجه إرنست تنديدات شديدة للاحتلال الياباني وبذل جهوده في دعم استقلال كوريا. وعلى وجه الخصوص، لعب إرنست دورا هاما في حملة سداد الديون الوطنية التي قام بها الشعب الكوري لسداد الديون الهائلة التي فرضتها اليابان على كوريا بشكل غير عادل.

كما أن الصحفي البريطاني فردريك ماكنزي (١٨٦٩-١٩٣١م) من صحيفة ديلي ميل اليومية زار المناطق الجبلية في محافظة غيونغ غي ومحافظة تشونغ تشونغ ومحافظة غانغ وون لإجراء مقابلات مع المقاتلين الكوريين ضد الاحتلال الياباني خلال الفترة ما بين عامي ١٩٠٦ و١٩٠٧، وترك كتابي «مأساة كوريا» (١٩٠٨م) و«كفاح كوريا من أجل الحرية» (١٩٢٠م). ويُعد هذان الكتابان من المواد التاريخية المهمة التي تشير إلى كفاح الشعب الكوري ضد غزو القوى الأجنبية.

وكان السيد فرانك سكوفيلد (١٨٨٩-١٩٧٠م)، وهو مبشر كندي وعالم طب وُلد في بريطانيا، يعمل أستاذا في كلية سيفرانس للطب وساهم في الكشف عن المجازر التي ارتكبتها اليابان بحق الشعب الكوري في أرجاء العالم. وقامت حكومة الاحتلال الياباني بترحيله من كوريا عام ١٩٢٠ إلا أنه عاد إلى كوريا عام ١٩٦٩ وعاش فيها حتى وفاته. وجدير بالذكر أن السيد فرانك هو أول أجنبي يُدفن في مقبرة سيول الوطنية.

بالإضافة إلى ذلك، هناك محامي حقوق الإنسان الياباني داتسوزي فوسي (١٨٨٠-١٩٥٣م) الذي كان يدافع عن مقاتلي الاستقلال الكوريين، والصيني تشو فوتشينغ (١٨٧٣-١٩٤٨م) الذي دعم حكومة جمهورية كوريا المؤقتة، والصيني سو جينغهي (١٩١٨-٢٠٢٠م) الذي كان عميلا سريا لصالح جيش التحرير الكوري. ويقف بيت «ديلكوشا» شاهدا تاريخيا مهما على جهود هؤلاء الأجانب الذين دعموا الشعب الكوري في تحقيق استقلاله.

غون غي-بونغ | كاتب
آن هونغ-بوم | مصور فوتوغرافي

전체메뉴

전체메뉴 닫기